
صدر مؤخرا عن "دار كنوز" المصرية كتاب "الطريق إلى تمبكتُ/ على خطى ولد كيجه"، للكاتب المعروف محمد فال ولد سيدي ميله.
ويعتبر الكتاب الذي يقع في 260 صفحة وثيقة سطر فيها الرحالة والجاسوس الفرنسي ريني كايي (المعروف محليا بـ"ولد كيجه") ذكرياته عن مجتمع البيظان في الثلث الأول من القرن التاسع عشر عندما أمضى قرابة الثمانية أشهر في إمارة البراكنه، متظاهرا باعتناق الدين الإسلامي بغية تسهيل اكتشاف مدينة تمبكتُ الأسطورية التي هلك ضباط سامون ومستكشفون كبار خلال مغامراتهم الرامية إلى الوصول إليها.
وجمع "كايّي" ملاحظاته حول مجتمع البيظان خفية، وبقلم رصاص، وفي أوراق مشتتة لم يتمكن من ترتيبها إلا بعد عودته الشاقة إلى فرنسا، وتكريمه من طرف الملك كأول أوربي يتمكن من رسم خريطة واضحة للأنهر والطرق والمدن الواقعة بين السيراليون وغينيا جنوبا، وجيني وتمبكتو في الوسط، ودرعة ومراكش في الشمال.
يجدر التنبيه إلى أن ريني كايي لم يستطع إقناع سكان البراكنه بصدق إسلامه، لذلك عاملوه بالكثير من الجفاء والقسوة، وتلكأوا في تعليمه أسس الشرع الإسلامي، ومنعوه من الاطلاع المباشر على سوق الصمغ العربي التي تعتمد عليها كل قوة واقتصادات المنطقة، ما جعله يتحامل عليهم في كتابه، ويتحامل، من خلالهم، على كل المنتمين لطبقتي حسان والزوايا أينما كانوا، وإن حاول وصف بعض مظاهر حياة الطبقتين بشيء من الموضوعية.
ورغم تحامل ريني كايي، الناجم عن فشله في كسب قلوب البيظان، فإن مذكراته أعطت صورة شبه واضحة عن الطبقية في المجتمع، موضحا ما تتعرض له الفئات الدنيا من احتقار فظيع، قبل أن يفرد العديد من فقرات مذكراته للعبودية لدى البيظان عموما ولدى الزنوج الأفارقة بشكل خاص.
كما أسهب في شرح أساليب اقتناء الزنوج للعبيد، وكيفية بيعهم لهم على شواطئ الأطلسي للتجار الغربيين، أو في أسواق الصحراء الكبرى للتجار العرب (البيظان أساسا).