
لدي صديق اقتصادي استفيد من تجاربه في التسيير، كل النفقات لديه مبوبة داخل قوائم. ولديه باب خاص اسمه بند النفقات لغير متوقعة. يُفتح هذا البند في (الانفاق العشوائي) وهو كثير جدا في نسق حياتنا ونظامنا الاجتماعي الفضفاض. بينما لدي صديق آخر اقتصادي هو الآخر، شعاره الدائم أن (الرگلة) تجعل الأمور تتعقد أكثر. فعندما يقوم بها يجد أن المصاريف أكثر بكثير من المداخيل فلا يجد تفسيرا للأمر سوى وجود البركة، أو أن هناك عجز مستمر في الموازنة تم التصالح والتكيف معه كما هو الحال مع الدول النامية..
أجدني أحيانا أميل للمدرسة الأولى وأحيانا للمدرسة الثانية. ولكن حسب التجربة، الأمور لا يمكن أن تكون مثالية عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، هناك دائما مفاجآت....
شخصيا لدي مدرسة اقتصادية أخرى تسمى اقتصاد الدراعة، أي القيام بتقسيم المداخيل حسب استخدامنا للدراعة....
هناك بيچاما(الضروريات) وهي للاستخدام اليومي ويجب الحفاظ على نظافتها قدر المستطاع من الديون وجعلها مريحة مع ابقائها في البيت بعيدا عن الأنظار...
هناك دراعة المشاوير، وهي دراعة تخرج من البيت وتحتك أكثر بالناس وهي نصف ضروريات ونصف كماليات. ويمكن الذهاب بها للخياط والمغسلة(الديون) بين الفينة والأخرى، ويمكنها أيضا أن تخرج في الصدقة أو استثمارها من خلال خياطة سروال وقميص منها أو صباغتها بلون مغاير لتصبح أكثر جاذبية. إنها بكل اختصار قابلة للترمیم...
هناك دراعة المناسبات أو المدخرات. عادة تكون من الطراز الجيد وتلبس في أوقات متباعدة نسبيا، وعمرها الافتراضي أطول بكثير من بقية الدراريع الأخرى....
هذه الدراعة ليس من السهل خياطتها أو الحصول عليها، لأن ذلك يتطلب وقتا من التراكم. لكنها قد تتحول فجأة إلى دراعة بيچاما ثم دراعة مشاوير في بعض بنود الموازنة؛ مثل:
- الاستشفاء لا قدر الله
- الأعياد الدينية
- التضامن الاجتماعي
- البناء
- الانتقال من مكان إلى آخر
- البطالة
- تعويض المسروقات وحالات التلف والأعطاب الميكانكية...
وتبقى أهم نظرية في اقتصاد الأفراد هو احترام المقاس، لا تقتني دراعة أكبر منك، فتُفسد مشيتك، ولا أصغر، فتترك بائسا وجاحدا للنعم. ونفسيا وأخلاقيا وصحيا وأخرويا، ابعد الدراعة عن الطمع والحرام. وحاول قدر المستطاع الابتعاد عن محيط المرجع أو ما يعرف بحلبة الرقص، لأن كل " تلاويحة " داخل دائرة المظاهر لها ثمن وتزيد حتما من عدد " عينين جماعة ". وهو أمر يجعلك تدخل عاجلا أم آجلا ( قشابة بلا رگبة ).....
تفسير المفردات:
الدراعة: الزي التقليدي للرجل الموريتاني مع اختلاف التصاميم حسب عادات وثقافات مكونات الوطن. وهي في الأغلب عبارة عن خيمة من القماش مفتوحة الأطراف تعلوها فتحة واسعة جدا يخرج منها الرأس، مع جيب كبيرة يتسع لحجم أربعة جيوب في البنطلون وربما أكثر...
الرگلة: تدقيق الحسابات
التلاويحة: هي رقصة تبدأ بالعرض البطيئ جراء الخجل وسرعان ما تتحول إلى زوبعة أو إعصار جراء الإفراط في الحماس
قشابة بلا رگبة: دراعة بلا مخرج للرأس
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم