
استقبلت الجمعية الوطنية بداية الدورة البرلمانية الحالية ثلاث مشاريع قانون تتعلق بالشفافية في الحياة العامة وهي:
مشروع القانون رقم 010-2025 المتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح
مشروع القانون رقم 09-2025 المتعلق بمكافحة الفساد
مشروع القانون رقم 011-2025 المتعلق بإنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد
وعلى الرغم من أهمية هذه النصوص في مجملها والسياق الذي جاءت فيه، إلا ان النص المتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح نال اهتماما خاصا لدى البرلمانيين والرأي العام.
وفي هذا السياق قرر مؤتمر الرؤساء بالجمعية تاجيل الجلسات العامة لنقاش هذه النصوص، وهو ما أتاح الفرصة للنواب لتعميق دراستها وتقديم مقترحات.
بعد برمجة الجلسات العامة لنقاش مشاريع القانون من طرف مؤتمر الرؤساء المنعقد يوم الاثنين ١٩ مايو، أعطت اللجنة الدائمة المتعهدة بدراسة النصين 09 و 010 مهلة 24 ساعة إضافية لتقديم مقترحات التعديل بشأن هذين النصين.
استقبلت اللجنة ١٩ مقترح تعديل على النص المتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح. وبما اني وقعت، باسم حزب الإنصاف، سبعة من هذه التعديلات تم اعتمادها من طرف اللجنة في تقريرها، أود، رفعا للبس وإنارة للرأي العام، تقديم بعض التوضيحات حول هذه التعديلات : مبرراتها ومحتواها باختصار ودون مزايدة أو إثارة.
أولا: المبررات
بعد دراسة ومراجعة مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح ، لاحظنا بعض النواقص التي نرى أن سدها ضروري ليكون القانون على مستوى التطلعات، ويواكب الضرورات والحاجات التي تمليها الظرفية الحالية.
ومن تلك الاختلالات ملاحظة:
• غياب تعريف للمستفيد الحقيقي، فتعريف هذا المصطلح ضروري لتحديد هوية الأشخاص الذين يملكون فعليا أو يسيطرون على الأصول أو الأموال بما في ذلك الشركات والترتيبات القانونية، وإن لم تظهر أسماؤهم رسميا في وثائق الملكية الرسمية.
ومن شأن ذلك أن يساعد في تتبع الممتلكات ومنع حالات الإخفاء، وهي أمور في غاية الأهمية في إطار مكافحة الفساد.
• غياب مقتضيات تلزم البرلمانيين بالتصريح بالممتلكات والمصالح.
إن تعزيز ثقة المواطنين بالبرلمانيين، وتعزيز القدوة الأخلاقية لهم، باعتبار مسؤوليتهم الجسيمة كمشرعين ومراقبين للعمل الحكومي، يتطلب إخضاعهم لنظام التصريح بالممتلكات والمصالح، وستحمي هذه الخطوة البرلمانيين أنفسهم من مخاطر الإثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ، وستعزز دورهم في مجال أخْلَقَةِ الحياة العامة، وفرض قيم الشفافية والنزاهة، وسيجعلهم في نفس المستوى مع أعضاء السلطتين التنفيذية والقضائية.
• غياب مقتضيات تلزم أعضاء مجالس إدارة المؤسسات والشركات التجارية وشركات الدولة والشركات المختلطة بالتصريح بالممتلكات والمصالح:
إن الدور المنوط بأعضاء مجالس إدارة الشركات الوطنية الكبرى، وبالأخص امتلاكهم القدرة على التأثير في عقود وصفقات ضخمة، لها تأثير كبير على التنمية والحياة الاقتصادية بشكل عام، يقتضي إضافتهم إلى نظام التصريح بالممتلكات والمصالح، وسيعزز هذا الإجراء الشفافية، ويحول دون استغلال النفوذ، والمناصب القيادية في الشركات الوطنية الكبرى، وتضارب المصالح.
• قصور المقتضيات المتعلقة بنشر بيانات التصريحات بالممتلكات والمصالح: فقد حدد مشروع القانون المقدم للجمعية الوطنية من يشملهم النشر بأشخاص محدودين، على أن يتناول النشر معطيات مجملة، في الوقت الذي يعتبر فيه النشر أداة أساسية لتمكين الرأي العام والمجتمع المدني من ممارسة الرقابة المجتمعية.
ثانيا: محتوى التعديلات
1- إضافة مصطلح "المستفيد الحقيقي" إلى التعريفات الواردة في المادة الأولى من مشروع القانون، وذلك على النحول التالي:
(...المستفيد الحقيقي: دون الإخلال بالتعريف الوارد في المادة الأولى من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يقصد بالمستفيد الحقيقي لأغراض تطبيق هذا القانون، كل شخص طبيعي يمتلك أو يسيطر نهائيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، على أصل أو مال بما في ذلك مصلحة أو شخص معنوي أو ترتيب قانوني.)
2- إدراج الفئات التالية ضمن الفئات الملزمة بالتصريح في المادة 3 من مشروع القانون، وذلك على النحو التالي:
(...
- رئيس الجمعية الوطنية؛
- البرلمانيون؛
- أعضاء مجالس إدارة المؤسسات العمومية التجارية، وشركات الدولة، والشركات المختلطة، التي سيحددها مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
3- إكمال الفقرة الأولى من المادة 5 من مشروع القانون بما يلي: (...أو التي يكون المصرح هو المستفيد الحقيقي منها.)
4- إدراج البرلمانيين ضمن المستثنين من الحظر المنصوص عليه في المادة 9.
5- إدراج المقتضى التالي بعد نقطة: أعضاء الحكومة ومن يماثلهم في المادة 16 من مشروع القانون :
(...مديرو وأعضاء مجالس إدارة المؤسسات العمومية التجارية، وشركات الدولة، والشركات المختلطة، التي يحددها مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.)
6- تستكمل الفقرة قبل الأخيرة من المادة 16 كما يلي:
(....، ويجب على الأقل، أن تتضمن المعلومات التي سيتم نشرها بيانات مقتضبة عن الأصول والدخل السنوي، بالإضافة إلى معلومات عن المصالح".
7- إضافة بند جديد بعد البند 1 و 2 من المادة 26 من المشروع القانوني كما يلي:
(...سيتخذ مجلس الوزراء والسلطة الوطنية لمكافحة الفساد التدابير اللازمة لضمان قيام جميع الموظفين المذكورين في المادة 3 بتقديم تصريحاتهم في أجل أقصاه ثلاث سنوات بعد نشر هذا القانون…).
ثالثا: ملاحظات عامة
١- تعريف الإثراء غير المشروع في المادة الأولى لم يطرأ عليه غير استبدال عبارة " أي زيادة كبيرة" التي كانت في النص الأصلي بعبارة " أي زيادة معتبرة" ارتأت اللجنة انها يمكن ان تكون أكثر دقة.
٢- استثناء النواب والمنتخبين عموما الوارد في الفقرة الثالثة من المادة تسعة ليس استثناء من تضارب المصالح وإنما استثناء من حظر ممارسة بعض النشاطات المحددة لان الوظائف التنفيذية المذكورة في الفقرة الاولى من المادة تسعة مشمولة بالتعارض الوارد في الدستور والقانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية. أما تنظيم ومراقبة تضارب المصالح فتكفلت به المواد 10, 11 و 12 من مشروع القانون.
٣- تحديد سقف زمني لاستكمال التصريحات لا يمكن اعتباره " تاجيلا لإنفاذ القانون " بل تنفيذ القانون يبدأ مباشرة بعد إصداره بإنشاء السلطة واستكمال إجراءات التصريحات مع تفادي امكانية المماطلة والتسويف بتحديد سقف زمني موضوعي.
٤- إنّ المتتبع للتشريعات المقارنة في المجال سيرى بجلاء أن النص المقترح من طرف الحكومة بعد التعديلات الجوهرية التي اجراها عليه النواب يستجيب لكافة متطلبات الشفافية المتعارف عليها دوليا.