مقابلة مع الدكتور لؤي محروس

جمعة, 19/07/2019 - 17:30

عداد : نور عثمان.

" الدكتور لؤي محروس، اختصاصي طب العيون في مدينة دمشق، درس الطب في دمشق واختص في بريطانيا وزاول المهنة فيها برهة من الزمن، ثم عاد إلى دمشق ليكمل مشواره ، فكان من أوائل الذين قام على أكتافهم مشفى العيون الجراحي بدمشق. رسالته الأهم : صدق الطبيب مع نفسه، مع المريض، ومع زملائه الأطباء."

هلا تفضلت علينا دكتور لؤي بذكر مكان وتاريخ ولادتك؟

أنا من مواليد دمشق عام 1949.

لماذا اخترتم الطب كعلم ومن ثم كمهنة؟

اختياري الطب كمهنة – وليس لاختصاص العينية – كان نابعاً من رغبتي بأن أكون طبيباً، خاصة أن والدي كان طبيب أسنان، كما أن العائلة والجو الطبي المحيط كان أيضاً سبباً دفعني للتوجه نحو الطب.

وما الذي شجعك على الممارسة؟

أولا كاختصاصي كان لدي رغبة في طب العيون منذ أن كنت طالباً في كلية الطب، وقد تعرفت على الدكتور نزار براق – رحمه الله – منذ السنين الأولى للدراسة فكان مثلاً وقدوةً لي كطبيب وكإنسان، وهذا ما شجعني وحببني كثيراً بطب العيون وأصبح حلمي أن أكون طبيب عيون وهذا ما شجعني على الاستمرار بالدراسة والتخصص كطبيب عيون. إضافة إلى أن الطب مهنة اجتماعية تتصل بالإنسان وليست مجرد عمل مهني أي أن لها أهداف كثيرة.

أين درست الطب؟ وأين تخصصت في طب العيون؟

درست الطب في كلية الطب بدمشق وتخصصت في بريطانيا.

هلا حدثتنا عن سبب اختيارك للاختصاص في بريطانيا؟

كان وراء اختصاصي في بريطانيا الدكتور نزار براق – رحمه الله – فهو الذي شجعني على هذا النوع من الاختصاص في بريطانيا، وكان لدي بعض الاتصالات، فدرست الاختصاص هناك. عادة ما تكون المرحلة الأولى من الاختصاص صعبة للطبيب وذلك ريثما يثبت وجوده في النظام البريطاني للاختصاص، وعندما يتحقق له ذلك تصبح الفترة التي تليها أكثر سهولة بالنسبة إليه.

كم كان عدد سنوات الاختصاص؟

حزت شهادة الاختصاص بعد ثلاث سنوات، ثم قضيت سنتين في الممارسة في بريطانيا كنوع من التدريب في مراكز أفضل.

من الطبيعي أن يتبادر إلى أذهاننا سؤال عن السبب الذي دفعك للعودة إلى الوطن بعد إنهائك للاختصاص في بريطانيا وممارستك للمهنة هناك؟

كان لدي هدف. في الوقت الذي تركت فيه بريطانيا كنت قد وصلت لمراكز جيدة يتردد أي إنسان بتركها على الرغم من أن بريطانيا لم تكن تعد بالكثير من الوظائف في ذلك الوقت – أي منذ 30 سنة وتقريباً عام 1979 – وكان أهلي يشجعونني على البقاء في بريطانيا لأن وضعي هناك سيكون أفضل بكثير من عودتي والبدء هنا من جديد.
وكان لدي أهداف عائلية أن أعود وأكون إلى جانب أهلي، وأهداف اجتماعية : أن أربي أولادي في سورية.

كيف كانت سنوات الدراسة في كلية الطب؟ وكيف كانت سنوات الاختصاص؟

كل إنسان أثناء دراسته يفكر دوماً بالخطوة التالية ويتمنى الانتقال إليها، طبعاً كانت سنين الدراسة جميلة جداً خاصة عندما يعود المرء إليها الآن بذاكرته فيجدها أكثر جمالاً.
سنين الاختصاص كنت أستمتع فيها لأنني كنت أتعلم شيئاً جديداً وأعمل شيئاً جديداً وأثبت أنني أعمل شيئاً جديداً، وهدفي أن أعود للبلد فلدي رسالة أقوم بها فيه إن شاء الله تعالى، فلدي دوماً هدف معين نصب عيني.

كيف بدأت العمل هنا في سورية وكيف تطورت؟

البدايات صعبة جداً، فالطبيب يحتاج لفترة طويلة ريثما يكوّن اسماً وثقة لدى المرضى ولدى زملائه الأطباء، لكنني لم أستصعبها كثيراً لأنني كنت أعلم بوجود فترة كهذه من قبل، يجب أن يعلم المرء أنه لا يمكن أن يصل لدرجة من النجاح بسرعة، فالنجاح السريع يتبعه فشل سريع أو هبوط سريع. أما النجاح البطيء درجة درجة فهو أكثر ثباتاً، وهذه نصيحتي للزملاء الشباب الأطباء ألا يستعجلوا النجاح بل يأخذوا الوقت الكافي للوصول إليه، وإن اكتساب ثقة المرضى وثقة الأطباء ببطء وثبات أفضل بكثير من اكتسابهم هذه الثقة بسرعة.

هل بدأت ممارسة الطب في المشافي أم في عيادتك الخاصة؟

بدأت مزاولة طب العيون في عيادة، ثم تعاقدت مع وزارة الصحة، ويشرفني أنني أنا وزملائي الدكتور فيصل فحام والدكتور إيلي صايغ كنا أول من بدأنا العمل في مشفى العيون الجراحي عند افتتاحه، فكنا ثلاثة اختصاصيين ومقيمين، وكنا نقوم بمهام المشفى منذ أن بدأ العمل فيه عام 1982، واستمريت بالتعاقد مع وزارة الصحة لفترة ثم تركت العمل معها وتفرغت لعيادتي الخاصة.

ما هي مقومات النجاح باختصاص معين؟ وهل يكفي للطبيب أن ينجح باختصاصه أم يجب أن يضيف إليه؟

تعلمنا عندما كنا طلاباً وخاصةً أثناء دراسة الاختصاص أن شهادة الاختصاص بالنسبة للطبيب هي الحد الأدنى من المعلومات والذي يؤهله للممارسة، فهي الحد الأدنى فقط، وعلى كل طبيب أن يكون في ذهنه فكرة أنه حاز الحد الأدنى من المعلومات فقط ويجب أن يسعى لتحصيل باقي المعلومات، وألا يعتبر أنه وصل بشهادته للحد الأعلى من العلم. وتحصيل المعلومات يتطلب منه الاستمرار بالمتابعة سواء عبر الكتب أو الانترنت أو الفيديو أو المؤتمرات أو أي طريقة أخرى تمكنه من تحصيل المعلومات، فيجب عليه أن يكون من السباقين لمعرفة المعلومات الجديدة "up to date".
وثاني مقومات النجاح برأي – وهي نصيحتي لكل الزملاء الشباب – هي أن يعتبر الطبيب كل مريض واحد من أقربائه فلا يعامله معاملة مادية وإنما معاملة إنسانية.
وعندما يحوز الطبيب شهادته (الحد الأدنى من المعلومات) و يتابع ما يستجد من المعلومات فسيكفيه أن يكون لديه "الحد المتوسط من المعلومات" وليس من الضروري أن يكون ملماً بكل ما تحويه الكتب من معلومات، بل يكفيه ليكون ناجحاً أن يحوز هذا الحد الوسط "Average"، ولكن عليه أن يعرف المحاكمة في كل حالة وهي تأتي :
أولاً من ضميره الذي يجعله يعامل المريض على أنه أحد أقربائه ويجب عليه أن يوفر له أفضل عناية طبية.
وثانياً أن يعامل المريض من ناحية اجتماعية، فالمريض إنسان ويجب على الطبيب أن يضع نفسه مكان المريض والتعامل مع مشكلته على أنها ليست مشكلة طبية فحسب بل تحمل جانباً اجتماعياً مهماً.

لو رجع فيك الزمن للوراء وعدت طالباً من جديد، ما هي الأشياء التي لم تقم بها في ذلك الوقت وتتمنى القيام بها؟

سأعود وأكرر ما قمت به سابقاً إن شاء الله .

هل فكرت أن تخوض تجربة التدريس في الجامعة؟

إن العمل بالتدريس عمل جميل لأنه يشكل نوعاً من التحدي، وشيء جميل أن يحب الإنسان أن يعطي المعلومات لغيره وأنا أحب هذا العمل وأحب تمرير المعلومات لجيل الشباب، ولكنني لم أدخل في مهنة التدريس.

في محاولة لمقارنة الاختصاص داخل القطر وخارجه، ما هي إيجابيات وسلبيات كل منهما برأيك ؟

بشكل عام لا أفرق بين الاختصاص داخل القطر وخارجه، لأنني أرى هذا الموضوع من ناحية تقييم الإنسان أكثر من أن أراه من ناحية تقييم الفرصة التي توفرت له. فالطالب عندما يختص خارج القطر فإنه تتوفر له فرصة الاقتباس من خبرة أشخاص ونظام يتطور منذ سنين، ولا شك أننا نعترف بتقدم نظام الاختصاص في الغرب، ولكن الشيء الأساسي يرجع للإنسان. من خبرتي وممارستي لسنين طويلة اكتشفت أنه يوجد عدد من الأطباء الذين اختصوا في داخل سورية ولم يسافروا أبداً لديهم من المعلومات والمحاكمة والممارسة عملياً ما يفوق بعض الذين اختصوا في الخارج وحازوا شهادات معترف بها عالمياً سواء من الناحية العلمية أو العملية، لذلك باعتقادي أن التقييم يجب أن يكون لما يقدمه الطبيب، لا شك أن الاختصاص في الخارج سيقدم له الكثير لكن الأهم هو ما سيقدمه الطبيب من جهد في طور الاختصاص.

بما أنك درست الاختصاص في بريطانيا ودرست الطب في دمشق باللغة العربية، ألم تواجهك صعوبة الدراسة باللغة الانكليزية في بريطانيا؟

كانت الدراسة باللغة الانكليزية بالغة الصعوبة خاصة على جيلنا، نظراً لقلة الطلاب الذين كانوا يدرسون أو يطالعون باللغة الانكليزية. قد كان لدي والحمد لله أرضية عن الدراسة باللغة الانكليزية فلم أواجه ذلك القدر من الصعوبة، في حين واجهها الكثير من زملائي. 

دكتور لؤي : لا يخفى أنك قمت بعمليات مميزة وحزت جوائز كثيرة، هلا حدثتنا عنها؟

يجيب بكل تواضع : بكل بساطة لا يوجد شيء... أهم ما في مهنة الطب هو متابعة تحصيل المعلومات والصدق مع المريض وهذا أهم شيء، ونصحيتي لكم هي صدقكم مع المريض وصدقكم مع زملائكم وهذا ما يعطيكم الشهادة الأساسية.

ما هي الرسالة التي تحب أن توجهها لطلاب الطب؟

أسعد كثيراً عندما أرى شباباً لديهم القدرة والإرادة والثبات ليدرسوا ويطالعوا وحدهم دون أن يعتمدوا فقط على التلقيم من الهيئة التدريسية، وهذا شيء هام جداً وإن استمرار الطلاب على هذا النحو حتى بعد تخرجهم سيوصلهم للنجاح.
وكما ذكرت سابقاً : رسالتي الأهم هي صدق الطبيب مع نفسه ومع المريض ومع زملائه الأطباء.

شكرا جزيلاً لك دكتور لؤي محروس فقد أخذنا من وقتك الكثير ..

العفو ... أرجو أن يكون هناك ما يفيد إن شاء الله تعالى.

عميق الشكر والامتنان للدكتور لؤي محروس على تخصيصه جزءاً من وقته لموقع حكيم.
 

فريق عمل حكيم - القسم الصحفي.

 

 

تصفح أيضا...