نائب أكجوجت يكتب : من أجل وقف العبث بالبيئة

جمعة, 31/10/2025 - 11:17

بعد ان عاثت الشركات المعدنية فسادا بالبيئة الموريتانية بعدما  راكمت الاف الأطنان من النفايات شديدة السمية في البيئة خاصة شركة  First Quantum Minerals- MCM التي خلف مصنعها  52.000 طن من النفايات شديدة السمية وشركة KINROSS-Tasiast التي خلفت  هي الأخرى 7000 طن من النفايات بمختلف أنواعها وهي  ارقام بعيدة كل البعد من حجم النفايات الحقيقي الموجود على أرض الواقع٬  فحجم احواض نفايات السيانيد الموجود في هذه الشركات تتجاوز هذه الأحجام٬ رغم التسرب الخطير الحاصل فيها على مستوى التربة  ورغم نسبة التبخر الكبير في الجو نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة ورغم الدعوات المتعددة من مختلف القطاعات المعنية بالموضوع إلى هذه الشركات بضرورة معالجة هذه الاختلالات؛ ظلت هذه الشركات تضرب عررض الحائط بكل هذه الدعوات وتواصل استهتارها بكل المواثيق٬  التي تتشدق بالالتزام بها٬ في ظل عدم المساءلة والإفلات من العقاب.

 

وفي الأسابيع الماضية شاهدنا اجتماعات لهذه الشركات مع بعض القطاعات الحكومية الغائبة او المغيبة حيث يجب ان تكون٬ فعندما نرى قطاع البيئة الغائب الذي لا ينتظر والحاضر الذي لا يستشار يتحدث عن ضرورة رسم استراتيجية لتخفيف الاضرار البيئية الناجمة عن أنشطة هذه الشركات في ولاية اينشيري التي تجاوزت مرحلة الضرر إلى مرحلة الجرم البيئي دون ان يقوم محاسبة هذه الشركات على هذه الممارسات المجرمة محليا ودوليا.

 

لا يحتاج القطاع ولا الشركات إلى رسم استراتيجيات جديدة بل نحتاج إلى احترام الالتزامات البيئية التي هي العقد بيننا وبين هذه الشركات٬ كما نحتاج إلى التقييم والتدقيق في مخططات التسيير البيئي التي تعتمدها هذه الشركات ان وجدت بعد عشرات السنين من الممارسة الميدانية على ارض الواقع والتي أظهرت اختلالات كبيرة٬ كما أظهرت وهن هذه المخططات التي لم تستطع تجنيب هذه الكوارث مما يعني  ان هذه الدراسات البيئية بنيت على فرضيات غير دقيقة واصبح من اللازم تحديثها لتفادي مزيد من الكوارث البيئية .
كذلك يجب ان يستعيد القطاع مسؤولية الرقابة البيئية على هذه الشركات من خلال تعزيز قدراتها وإلزامها  بتمويل مختبرات للبحوث العلمية في المجال البيئي لتمكين القطاع من الاطلاع بمسؤولياته٬ فلا يمكن ان تظل أرواح المواطنين مؤتمنة لدى مستثمرين همهم الوحيد هو مراكمة الثروة ولو على حساب الصحة وجودة حياة المواطن.
كذلك من الضروري اكتتاب مكتب دولي مستقل للقيام بعملية تدقيق بيئي شامل لمحيط هذه الشركات للوقوف على الوضعية الحقيقية للبيئة وحجم النفايات حينها يمكن الحديث عن رسم استراتيجيات ووضع الحلول .

 

ان تحركات هذه الشركات هي محاولة امتصاص تاثير ماورد من تقارير بهذا الخصوص  محليا حتى لا تتضرر مراكزها في البرص الدولية ،اما فيما يخص الراي العام المحلي فلا تولي اي اهتمام بردات فعله. ولن تتجاوز مجرد اجتماعات مع قطاعات عاجزة عن اتخاذ أي إجراء في حق هذه التجاوزات لتظل البيئة في هذه الولاية  مؤتمنة لدى هذه الشركات التي تراقب نفسها بنفسها٬  وليس متوقعا منها ان تشهد على نفسها ،والمواطن المتضرر الاول من هذه التجاوزات التي وصلت إلى درجة الجرم البيئى لا يستشعر حجم الضرر المحيط به رغم انه اصبح يعيش تأثيراته في بيئته وصحته٬ ومنظمات المجتمع المدني غائبة هي الاخرى  أو مستغله من قبل هذه الشركات كما أن الرأي العام الوطني يتجاهل هذه المخاطر التي سيطال تاثيرها الجميع.

 

وإذا كانت حكومتنا الموقرة جادة في تنفيذ تعليمات فخامة رئيس الجمهورية بشأن محاربة الفساد ،فإن الفساد في مجال البيئة من اخطر أنواع الفساد.

 

الفساد المالي يمكن جبر ضرره باستئصال مسبباته اما الفساد البيئي فلا يمكن جبره٬ خاصة إذا كان ناجما عن تسرب مواد شديدة السمية إلى باطن الأرض وفي الهواء٬ وسيظل ندفع ثمنه اجيال من المواطنين ربما لم يعاصرو هذه الاستثمارات. والمتسبب فيه قد لا يكون موجدا حينها ،خاصة اننا امام اغلاق محتمل لأول رخصة استغلال( MCM) في ظرف سنوات قليله.
 فهل اعدت قطاعاتنا الحكومية العدة لذلك من أجل  معرفة كيف يمكننا ان نتعامل مع هذا الكم الهائل من النفايات السامة التي ستغادرها هذه شركات تاركة آثارها لنتكتوي بها أجيال من هذا الشعب؟

الجميع  من؛ نخب وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني وإعلام مطالبون بالاطلاع بمسؤولياتهم  وتسليط الضوء على هذه الممارسات التي تهدد الصحة العامة وتضر بالتوازن البيئي.

النائب:سيداحمد محمد الحسن

تصفح أيضا...