نائب اركيز آب ولد عبد ربه يكتب : مسيرة الإصلاح و عشرية الفساد

أربعاء, 07/05/2025 - 15:36

 

تعيش بلادنا الآن تجربة تنموية شاملة، أصيلة، رائدة وفريدة من نوعها في المنطقة.

انطلقت هذه التجربة من حركة الإصلاحات الجذرية الواسعة التي يقودها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بأبعادها السياسية والمجتمعية والمؤسسية المتكاملة. وقد بدأت، هذه الإصلاحات، تفضي إلى إعادة صياغة العلاقات الاجتماعية والى معالجة الفوارق والنواقص والاختلالات المزمنة الناجمة عن تراكم مظاهر التخلف والحيف عبر مراحل مختلفة طويلة. وتمت إعادة تنظيم بعض من المؤسسات وفق متطلبات دولة المواطنة القائمة على العدل والمساواة وسيادة القانون. ومن المرتكزات الرئيسية لجهود الإصلاح القضاء التام على الفساد وتحصين الدولة والمجتمع من أسبابه وآثاره المدمرة. 

لقد كان مبهرا أن تنطلق هذه الإصلاحات وأن تتمخض عنها مثل هذه التغيرات العميقة في وقث اندلعت فيه أزمة جائحة " كوفيد 19" وما ترتب عنها من توتر ومن انهيار في نظم التجارة والاقتصاد، ومن ترد في مستوى العيش والخدمات في جميع أنحاء العالم. وأدت الجائحة، كما هو معلوم، إلى توسيع دائرة الفساد، والى تدهور في القيم والأخلاق.

لقد كانت بلادنا من الدول القليلة في العالم التي تمكنت بسرعة فائقة من بناء وتطوير منظومة للتكفل بمتطلبات الوقاية الصحية، والحياة اليومية للمواطن، وحمايته من تداعيات الأزمة. 
وقد لوحظ أنه في الوقت الذي اقترنت برامج مكافحة الجانحة على الصعيد العالمي، وعلى مستوى القطاعين العام والخاص، بعمليات فساد واسعة ومتنوعة، ترافقت في بلادنا جهود محاربة الجائحة وجهود محاربة الفساد في تكامل وتناغم تام، فتحسن الأداء، وتعززت القدرات المؤسسية العامة، فتمت إعادة تنظيم هيئات المراقبة والتدقيق، وتم اعتماد الشفافية التامة في جميع مراحل ومستويات القيادة والتسيير، وتم تأكيد استقلالية القضاء، ضمن الالتزام الصارم بالفصل بين السلطات، وكان رئيس الجمهوريه حريصا على ان تظل محاربه الفساد خيارا محوريا في السياسات العامه وعلى الابتعاد عن توظيفها للتغطيه على ممارسه التحايل والاختلاس، او للدعايه المغرضه أو الكاذبه ،أو لتصفية الحسابات مع  الخصوم والمنافسين مؤكدا على "ألا تتحول محاربه الفساد الى فساد جديد"، لقد كان التعامل مع ما يعرف ب "ملف العشريه " تجسيدا حيا للالتزام باحترام  استقلاليه القضاء
ولتفكيك نسيج رعايه الفساد واحتضان المفسدين.

ويجري الان ترسيخ خيارات الاصلاح وتعزيز قدرات وآليات محاربه الفساد بواسطه تحديث طرق المراقبه والتفتيش ورقمنه المعطيات والمساطر. وسيكتمل الاطار المؤسسي الشامل لمكافحه الفساد بانشاء سلطة وطنية مستقلة للإشراف على الهيئات المختلفة المعنيه وعلى اعداد الاستراتيجيه العامه وخططها التنفيذية.

لقد تمت محاوله التشويش على هذه الاصلاحات ومحاولة تسييس الملف بطرق شتى استخدمت فيها أساليب الإستعطاف الشخصي المؤثر أحيانا، و الدعايه المغرية او الكيديه أحيانا أخرى،  في محاولة مكشوفة لتعطيل عمليات التحقيق والمساءلة وإنفاذ القانون، للحيلولة دون إجراء المحكامة اللازمة.

لقد اصبح واضحا أن مسيرة الإصلاح الشامل انطلقت بقوة، وأنه لا رجعة فيها. وستقود الى القضاء على ما تبقى من بنيات وشبكات منظومة المصالح والعلاقات والمسلكيات المنافية لدولة العدل والقانون والمواطنة، ومن المؤشرات الهامه الداله على ذلك التراجع الملحوظ للروح القبلية والتحسن البين في نمط إدارة وتسير الموارد العمومية وخاصة على مستوى الصفقات العمومية والتوسع الأفقي في توزيع الخدمات الأساسية مع الاستهداف الجيد لمستحقي الأولوية.

كما تجدر الاشادة بحرص البرلمانيين في الأغلبية والمعارضة على إلزام انفسهم كمشرعين بالتصريح بممتلكاتهم.

ولا عبرة بالجدل المفتعل الدائر حول ذلك في أوساط معينة،  فما هو إلا مظهر من مظاهر ضعف وانحسار قوة وحضور بؤر الفساد المتربصة بشعبنا وبلدنا، وهي بؤر متصلة ومترابطة فيما بينها، لاتصال وترابط مصالحها التي لا تنفك عن الفساد،  وعن تهديد الهوية والوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية. 

ان بلادنا اليوم تلج الى مرحلة جديدة فاصلة من تاريخها السياسي، و تسعى قوي والشر والتطرف المعادية للوطن الى التشكيك والإرباك، والى إثارة الاضطراب لعرقلة العبور اليها، ولفرض  رؤيتها الشاذة، كما تعودت سابقا، من اجل إجهاض الإصلاح او تأخيره الى اجل غير مسمى.

ان هؤلاء منزعجون لإدراكهم جيدا ان المكاسب العظيمة المحرزة والتحولات العميقة المسجلة في بلادنا خلال السنوات الأخيرة منبثقة عن رؤية معبرة عن تجربة و تطلعات ومعاناة شعب طالما انتظر أيام العز والنصر والخلاص، التي بزغ فجرها بإعلان ترشح فخامه الرئيس، ثم أشرقت شمسها وتعالت لتنير السبيل، وتنشر الدفئ والأمل،  والسعادة والطمأنينة والأمان.

ان مسيرتنا الراهنة المظفرة باذن الله، هي معركة لإعادة التاسيس،  ولتأمين المستقبل، في ظل دولة حديثة، عادلة،  المواطن فيها محترم، و حقوقه مقدسة و مصانة،  ومعيار الكفاءه فيها أهم من الولاء. دولة تعتز بهويتها العربية الافريقية والإسلامية الجامعة وتحميها، مصممة على إصلاح التعليم، والتمكين باللغة العربية، وعلى تطوير واستخدام اللغات الوطنية، وعلى إصلاح القضاء والإدارة والحياة السياسية، وعلى القضاء على الفساد، والفقر، والحيف، والغبن، والإقصاء.

آب ول عبد ربه
نائب اركيز

تصفح أيضا...