إن إحدى أهم مشاكل البشرية اليوم هي أن التقدم المادِّي لم تصحبه الروح الأخلاقية، فالحضارة المادية بلا أخلاق تدمر نفسها، التاريخ يقول ذلك: يمكن أن نتقدم ماديا، ولكن إذا لم نبث في هذا التقدم روحا أخلاقية فإن هذه الحضارة تعود على نفسها بالتدمير.
لا مشكلة لدينا مع العلم، ولكن المشكلة في فهم مسألة العلم والتعامل معه. إن الكثير من الناس يطلبون من العلوم الطبيعية أن تجيب على أسئلة لا يمكن أن تجيب عليها، فإذا لم تستطع يقولون: نفى العلمُ، والعلم لم ينفِ شيئا، لأنه ليس الطريق الصحيح للوصول إلى أجوبة لاهوتية، فعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وعدم العلم لا يدل على علم العدم، هذه مشكلة عقلية، فلذا تحميل العلم مسؤولية الإلحاد سببه طريقة تعامل الناس مع العلم، حيث طلبوا منه أن يجيب على أسئلة لا يستطيع أن يجيب عليها، لم يسلكوا السبيل الصحيح:
إذا سلكت للغور من بطن عالج
* فقولا لها ليس السبيل هنالك
الطريق هي الخبر عن الأنبياء والطريق هي العقل أيضا الذي يدلُّ على العلة السببية la causalité .