تصحيح الوضعية المالية لـ SONIMEX كان ممكنا وتفليسُها جاء تغطية لتجاوزات! (ورقة لـ"مراسلون")

خميس, 08/10/2020 - 09:40

مراسلون – خاص

تنويرا لقرائها وتزامنا مع تقدم التحقيق الابتدائي في ملفات الفساد التي تبحث فيها شرطة الجرائم الاقتصدية حاليا؛ أعدت "مراسلون" عدة أوراق حول أهم الملفات التي تناولها تقرير اللجنة البرلمانية، توضح للقارئ غير المتخصص أبرز ما توصل إليه التحقيق البرلماني في تلك الملفات، وما رصده من تجاوزات ومخالفات.

تتعرض أولى هذه الأوراق لأهم التجاوزات التي أخذها التقرير البرلماني على تسيير الشركة الوطنية للإيراد والتصدير SONIMEX.

أشار تقرير لجنة التحقيق البرلمانية إلى خروقات متعددة ومتعمدة شابت تسيير شركة SONIMEX، كما أحال إلى مخالفات سابقة تضمنها تقرير محكمة الحسابات (دجنبر 2019)، وتمثلت الاختلالات المذكورة أساسا في:

* قصور وتهاون في الرقابة والوصاية على الشركة من طرف هيئات الرقابة والوصاية عليها؛

* اختلاس أصول وممتلكات الشركة؛

* تبديد وإخفاء أموال وقيم مملوكة للشركة؛

ورأت اللجنة في اختيار أسلوب التصفية سلوكا مقصودا لإخفاء تلك التجاوزات وطمس آثارها، وطلبت من الجهات القضائية المختصة التعهد في هذا الملف على أساس مقتضيات القوانين:

* القانون 09 – 90 ، الخاص بالمؤسسات العمومية والشركات ذات رأس المال العمومي؛

* القانون 014 – 2016 ، المتعلق بمكافحة الفساد؛

وقد سعت "مراسلون" إلى البحثِ في أثر وضرر تلك المخالفات على الشركة، واستدعى ذلك منها استعراض وضعيتها المالية في السنوات السابقة، ويمكن التحقق من المعلومات والأرقام الواردة في هذه الورقة من خلال الاطلاع على القوائم المالية للشركةles ètats financiers de Ets المتوفرة على موقع إدارة الوصاية المالية dtf.mr .

لقد كان الهدف من إنشاء الشركة l'objet de création الإيراد والتصدير، وخلق توازن داخلي في السوق، وكبح المضاربات؛ إلا أنه يتبين من خلال متابعة أنشطة الشركة في الفترة ما بعد 2010 أنها لم تقم بأي عملية إيرادٍ من الخارج، تاركة المجال مفتوحا أمام التجار الوطنيين، وفوق ذلك عمدت إلى شراء البضائع من التجار بعد استيرادهم لها من الخارج، في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون منافسا شريفا لأولئك التجار، وكابحةً لجماح سعيهم إلى المضاربات المضرة بالقدرة الشرائية للمواطن، ولعل هذا الهدف الذي أنشئت الشركة من أجله كان العامل الأساسي في استهدافها بشكل ممنهج.

تعتبر السنة المالية 2017 آخر سنة مالية في عمر شركة SONIMEX، لكن العمر القانوني لها استمر حتى إعلان إفلاسها وبداية تصفيتها سنة 2019.

وكانت القوائم المالية المالية للشركة في هذه السنة تشير إلى:

1. تسجيل محاسبة الشركة وجود ما قيمته مليار ومائة وتسعة وثلاثون مليونا من البضائع في حساب المخزن، وبعد معاينة هذه القيمة في آخر 2017، كانت هناك بضائع مفقودة بقيمة خمسمائة واثني عشر مليون أوقية بعد جرد المخزن، وهو ما يمثل نسبة 46 في المائة من القيمة الإجمالية للمخزن.

 وصنفت محاضر الجرد البضائع المفقودة كالآتي:

- الأرز 21000000؛

- الزيت 8000000؛

- السكر 39000000؛

- الشاي 5000000؛

إضافة إلى فقدان كمية من الأسمدة تقدر قيمتها بـ 372000000 أوقية.

2. كانت القوائم المالية للشركة تشير إلى وجود مليار ومائتين وتسعة وثلاثين مليون أوقية دفعتها الشركة كتسبيقات للموردين ثمنا لبضائع، ورغم أن الشركة تعتبر منافسا لهؤلاء التجار فقد كانت تشتري منهم وتدفع لهم الثمن مسبقا، وقد كشف الجرد المالي في آخر 2017 وجود 185000000 مليون أوقية لم تستلم الشركةُ ما يقابلها من البضائع، مع أنها دفعتها كتسبيقات للتجار، وسجل هذا الرقم كخسائر في حسابات الشركة.

3. في حساب الزبناء باعت الشركة بضائع بقيمة مليار ومائة وسبعين مليون أوقية، لكن 723000000 أوقية من هذه المبيعات لم تسدد من طرف زبناء الشركة، أي ما نسبته 62 في المائة من إجمالي مبيعات الشركة، وسجل هذا الرقم كاحتياط في حساباتها (ديون غير مضمونة التحصيل).

وبجمع المفقود من قيمة المخزن مع ديون الموردين وديون الزبناء تكونSONIMEX  قد فقدت:

 512000000 (مفقودة من قيمة المخزن) + 185000000 ديون على الموردين + 723000000 ديون على الزبناء = 1420000000 (مليار وأربعمائة وعشرين مليون أوقية) من حسابات الشركة.

وأظهرت حسابات الشركة ديونا تقدر بـ 38000000000 أوقية في حساب دائنين مختلفين dèbiteurs diverses.

وقد سُجلت في هذا الحساب الاستثنائي ديون تفوق عشرات المرات الديون المسجلة على الزبناء الرسميين للشركة!! في الوقت الذي كان يوجد لديها رصيد يقدر بمليار وخمسين مليون أوقية في المصرف، وهو ما يمثل 1/40 من إجمالي ديونها.

إن وجود هذا الاحتياط لدى الشركة والديون المستحقة لها على التجار والزبناء وعدم وجود دين عليها للموردين يدل على أنه كان يمكن تصحيح الوضعية المالية للشركة عن طريق سياسة تحصيل فعالة لديونها على التجار والزبناء، وسياسة رقابة فعالة على مخازنها، لكن الخيار المستغرب كان إعلان إفلاسها وتصفيتها!!

إن كل هذه المعطيات تطرح بإلحاح الأسئلة التالية:

- هل كان موقع الشركة المنافس للتجار سببا في تفليسها؟

- هل حصل تواطؤ بين الدولة والتجار؟

- هل سعى بعض التجار للحصول على أصول الشركة بعد تفليسها؟

- من استفاد من القيم المفقودة من مخازن الشركة؟

- من المستفيد من الديون المفقودة من حساب الموردين والزبناء؟

- كيف يُعلن إفلاس شركةٍ وديونها المالكة أكثر بكثير من الديون المستحقَّة عليها، وتملك أصولا وعقارات لم يتم تقييمها قبل إعلان الإفلاس؟!

تصفح أيضا...