يَلْزَمُ أقوامٌ إيذاء الناسِ في الصلاة ـ وخاصة صلٓاتٓيْ العشاء والقيام في رمضان ـ بالجُشَاءِ (التّگْرَاعْ) المُتَكَرِّر، ويكون منهم في الغالب تجشؤا، (أي بتعمد)..
والمُتَجَشِّئُون مذاهب: منهم من يمدُّ بالجشاء صوته، متغنيا به (يتْگَرَّعْ فَازَّايْ) حتى كأن للمسجد للجة، ومنهم من يخافتُ به، لكن يرسله بنفخة تنقل عوادمه لمداءات أبعد..
أخرج الترمذي، وابن ماجه في السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كف جُشَاءَكَ عنا فإن أطولكم جوعا يوم القيامة أكثركم شبعا في الدنيا"، و الحديث حسن، وأخرجه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة..
التجشؤ في الصلاة - عمدا - يبطلها، كما في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، قياسا على التَّنَحْنُحِ، نقلا عن الأجهوري: <<..وَأَمَّا لَوْ تَنَحْنَحَ عَبَثًا عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ لَبَطَلَتْ وَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَقَالَ الْحَطَّابُ: ظَاهِرُ كَلَامِ خَلِيلٍ وَلَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا حَيْثُ قَلَّ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ كَلَامَ السَّنْهُورِيِّ أَوْجَهُ، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْجُشَاءَ وَالتَّنَخُّمَ كَالتَّنَحْنُحِ فِي أَحْكَامِهِ..>>، وبه قال العالم الموريتاني الجليل البشير ولد عبد الله ولد أمباريگي رحمه الله تعالى في وصيته اللطيفة:
وبينَ سجدتيكَ لَا تُحركِـ -- سَبَّابَةً، وفِي سلامكَ اتْرُكِـ
إشَارَةَ اليَدَيْن، والتَّجَشُّؤُ -- بِعَمْدِه الصلاةُ ليست تُجْزِئُ
فذاكَ حكمٌ ماله من سامعِ -- في الشَّبْرَخِيتِي وفِي اللوامع../..
من لديه مشاكل في المعدة لا يستطيع معها كَفَّ جشائه، يحسن به أن لا يرفع به الصوت، لما رُوِي مرفوعاً: "إذا تجشأ أحدُكم أو عَطس فلا يَرْفَعَنَّ بهما الصوتَ فإن الشيطانَ يحب أن يُرْفَعَ بهما الصوتُ"، وأن يغطي فمه بيده، حتى تنجلي الغُمَّة، ففي حاشية شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي على أسنى المطالب في شرح روض الطالب، عند: <<فإن تثاءب (يعني في الصلاة) سُنَّ له أن يغطي فاه...قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ التَّجَشُّؤُ..>>، أو يصلي منفردا، خلف الصف، فقد يكون في ذلك معذورًا لما يلازمه من إيذاءٍ لمن في الصفوف، فَـ: "لا ضرر ولا ضرار"، و: وليس واجبٌ بلا اقْتدار -- ولا مُحَرَّمٌ مع اضطرار// وكل محظورٍ مع الضرورةْ -- بقَدْرِ ما تحتاجه الضرورةْ../..