"تادريسه": قصص العثور على "بيشات" من الذهب.. وأخرى عن الخيبات والاحباط "روبورتاج مصور"

أربعاء, 2017-01-04 15:30

تقرير محمد بن ناجي ـ لمراسلون

"لو حصلت على كلغرام واحد من الذهب لحققت أحلامي كلها يقول أحد المنقبين البسطاء عن الذهب في مقاطعة لحجار،ويضيف كل شيء ممكن،وينظر بعيدا نحو سلسلة الجبال وكأنها تغفو على حلمه الكبير بالنسبة له. "

تقع مقاطعة مقطع لحجار على بعد ١١٥ كلمترا تقريبا من مدينة ألاك عاصمة الولاية،ويتواجد جل المنقبين بمقطع لحجار بقرية "تادريسه" التابعة لبلدية صنكرافه والتي تبعد ٢١ كلمترا من مركز البلدية،كما يتواجد بعض المنقبين بقرية "اتويمقدست" جنوب مدينة مقطع لحجار،فيما يتواجد بعضهم أيضاً بقرية "اتويزيرت" شمال مدينة صنكرافة على بعد ١١ كلم تقريبا،كما وصل بعض المنقبين لسد "توك اتغير" شرق قرية آكرج،لكن جل المنقبين يتواجدون بقرية تادريسه.

لم تعد قرية تادريسه قرية مطموسة الشهرة كأغلب قرى المقاطعة،بل أصبحت من أشهر القرى في عموم البلاد بعد العثور على المعدن الأصفر فيها.

يقول سكان القرية : لقد تفاجأنا قلل شهر تقريبا بتوافد عشرات السيارات على ضواحي القرية مما أثار فضولنا لمعرفة الأسباب،ولم يتوقعوا يضيف أحد سكان القرية أن تدفن أرض قريتنا المعدن النفيس. بعض سكان القرية أصبح مشاركا في عمليات التنقيب ويتحدث عن حصوله على بعضه وإن بنسب ضعيفة.

تضاريس تادريسه تتمثل أساسا في الجبال والسهول والوديان وبعض الأراضي الزراعية ج،ويتواجد في المكان قرابة ٣٠٠٠ آلاف منقب عن الذهب باختلاف رواياتهم عنه.

موسى صمب شاب في مقبل العمر ينحدر من ولاية كوركول حدثنا عن حصوله على حوالي ٢كلغرام من الذهب الخالص حيث كان من بين أول المنقبين، وحدثنا عن تجربته قائلا : لقد كنت من أول المنقبين هنا،لقد حصلت على الذهب قبل أن اضطر للحفر عميقا،ويضيف وهو يهم يفتح باب سيارته الهلكس التي اشتراها من غنيمته، الذهب موجود هنا،لكن العثور عليه مسألة حظ ورزق ثم يحمد الله ويشغل سيارته ويختفي خلف الجبال.

تتعدد القصص والروايات حول الكميات التي عثر عليها من الذهب في قرية تادريسه،فمن بين المنقبين من يتحدث عن حصوله على حجارة ذهبية يصل وزنها أحيانا ٩غ،ويتحدث آخرون عن حصولهم على مايسمونه "بيشه"،و"البيشة" هي عشر أغرامات،

لكن أغلبية المنقبين يرون أن حظهم من الغنيمة مجرد التعب،وأنهم صدموا حين أكتشفوا واقع الأمر،ويقول بعضهم أن الذهب أكثر وفرة في تازيازت مقارنة بتدارسه،لكن الوصول إلى الأخيرة أقل كلفة.

وينقسم المنقبون إلى قسمين،قسم يمتلك أجهزة الكشف عن الذهب،والقسم الثاني يقوم بالحفر بمعداته البدائية مستعيناً بأجهزة القسم الأول على أن يدفع له النصف أو الثلث حسب الاتفاق إن صادفهم الحظ في إحدى الحفر. يتفق أغلب المنقبين على أن الذهب السطحي لم يعد متوفرا ولم يعد أمامهم سوى الحفر على أعماق معينة،

انتشار هذا التصور دفع بالمنقبين إلى حفر جبال وسهول بكاملها،حيث تصل بعض الحفر عمق ٧أمتار تقريبا في عمق الجبل.

الحديث عن الذهب وإقبال المنقبين على المكان أوجد حراكا تجاريا في عموم المقاطعة وخاصة تادريسه،حيث أصبح قرب كل "مجهر" دكاكين محمولة توفر حاجيات المنقبين،و"المجهر" حسب تسمية المنقبين هو مكان الحفر الهائلة الذي تتواجد فيه جموع من المنقبين،لقد أصبح المكان شبه مستقل من ناحية وفرة المواد الغذائية من لحوم وغيرها،ويبلغ كلغرام لحم الغنم ٢٠٠٠ أوقية،ويباع كلغ لحم البقر ب ١٥٠٠ أوقية،كما توفر عربات الحمير للمنقبين الماء بأسعار مقبولة.

من ناحية أخرى تعج أحاديث المنقبين بقصص الخيبات،يقول حبيب ولد الراجل وهو أحد المنقبين :لقد أمضيت قرابة الشهر في حفرة واحدة بالجبل أعمل على تعميقها لكنني لم أعثر فيها "بشية" واحدة،ويصدح بصوته الجهوري قائلا يالحجم خيبتي بعد أملي في الحصول على كمية من الذهب ثم ينزل إلى حفرته لتعميقها أكثر.

لايحمل المنقبون تراخيص للتنقيب،كما أن الجهات المعنية لم تقرر إصدار تراخيص للتنقيب عن الذهب المنطقة حتى الآن،وكانت دورية من الدرك قد وصلت قبل أسابيع إلى عين المكان وطالبت المنقبين بالمغادرة بعد مصادرتها بعض الخيم والأجهزة قبل أن تغادر المكان. وصول دورية الدرك كان على إثر شكاية تقدم بها أحد المزارعين المحليين بعد توغل المنقبين في مزرعته،وقد وصلت أيضاً للمكان دورية درك أخرى بتاريخ ٣١/١٢/٢٠١٦ لكن المنقبين لاذو بالفرار نحو قمم الجبال في مشهد شبيه بالهزيمة في الحروب التاريخية.

ويطالب المنقبون في المنطقة السلطات الموريتانية بمنحهم الإذن بالتنقيب عن الذهب في الأراضي الموريتانية عموما وخاصة التي يرجح وجود الذهب فيها مادامت عاجزة عن توفير فرص عمل لهم. جدير بالذكر روح السلام التي يتعاطى بها المنقبون مع بعضهم في جو من التآخي والوحدة الوطنية يفوق طبيعتها في المدن الموريتانية،ويعلق أحد المنقبين على ذلك بقوله لأننا "بعيدون عن السياسيين"...