مقابلة مع الشاعر زاهي وهبي

أحد, 11/08/2019 - 19:41

في الروشة، في مقهى الروضة تحديداً التقيت الشاعر زاهي وهبي لإجراء حوار معه حول مجموعته الشعرية (انتظار الغريبة) التي تصدر عن دار الساقي قريباً.

في مقهاه المفضل ومصدر إلهامه كان حوارنا حول الكتابة والحياة، الذي ظل بعيداً عن ارتباك اللحظات، فابتسامته الدافئة ومزاجه الرائق يضفيان على الحوار رونقاً مختلفاً.

في هذا الحوار نتعرف إلى زاهي؛ إلى الغريبة التي ينتظرها بما يلامس الوجدان.

 

*بدايةً، كيف تفضّل أن تعرّف بنفسك: زاهي الإعلامي أم زاهي الشاعر أم زاهي الإنسان؟

– بعيداً عن المثاليات، الصفة التي أحب هي صفة الإنسان لأني من المؤمنين بأن ما يميز شخصاً عن سواه هو مقدار إنسانيته وكيفية تعامله مع الوجود والكائنات. أما إذا كان لا بد من الاختيار بين الشاعر والإعلامي فالشاعر هو الأقرب إلى نفسي مع احترامي وامتناني للإعلامي. فالإعلام مهنتي وساهمت بتغيير حياتي... أما الشعر فهو أنا بكل ما تعنيه كلمة أنا من ايجابيات وسلبيات. القصيدة بصمتي في هذا العالم والشعر هويتي، ثم إنني من المؤمنين أن الشعر ليس فقط قصيدة تُكتب أو كتاب يُنشر إنما هو أولاً أسلوب عيش؛ طريقة حياة؛ حساسية مفرطة تجاه الوجود والكائنات. بهذا المعنى أزعم أنني أحيا كشاعر حتى حين لا أكتب الشعر.

 

*في ظل ما يشهده عالمنا العربي من ثورات وحراك، من عنفوقتل، هل ما زالت دواوين الشعر التي تنادي بالحب والسلام فاعلة وتستطيع إيصال مضمون رسالتها؟

– أظن أننا بأمس الحاجة إلى الشعر قي هذه اللحظات الحرجة من تاريخنا وبأمس الحاجة إلى شعر الحب على وجه الخصوص، بل إلى فعل الحب نفسه.للأسف ومع احترامي وتأييدي لحق الشعوب بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية فإننا بتنا نشهد الكثير من الفوضى والخراب بفعل الالتباسات الكثيرة التي تعيشها بلداننا العربية. للأسف كثرت الضغائن والأحقاد والفتن الطائفية والمذهبية والمناطقية، لذا فكلمة الحب هي أحوج ما نكون إليه، وفي الحديث الشريف «الكلمة الطيبة صدقة». من هذا المنطلق أواصل كتابة شعر الحب من دون أن تغيب عني الأحداث الجارية في الوطن العربي.في كتابيلمن يهمه الحب كتبت لبيروت ودمشق والقاهرة وسواها من المدن والأقطار، انطلاقاً من إيماني بعدم إمكانية الفصل بين الواقع والإبداع. كتابة الحب هي شكل من أشكال مواجهة الحرب أيضاً.

 

*هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج بشكل أسرع للمؤلف والرواية؟ وما هي برأيك "مساوئ" هذا الشكل من التواصل؟

– التكنولوجيا الحديثة والميديا على وجه التحديد، شأنها شأن كل شيء آخر في هذه الحياة، لها وجهان: إيجابي وسلبي، والمهم أي وجه تختار. طبعاً وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت العالم ولاغنى عنها. ولكن السؤال يبقى: كيف ولماذا نستخدم هذه الوسائل؟

كشاعر ساهمت في إيصال شعري إلى شرائح أوسع وأكبر، وبهذا المعنى فهي ذات تأثير عليّ وعلى تجربتي الشعرية، أما استخدام هذه الوسائل لإثارة الفتن وتوجيه الشتائم فهذا أمر أبتعد عنه وأتجنبه قدر الإمكان. هذا باختصار، لأن الموضوع يحتمل موسوعات.

 

* لكل شاعر ملهمته في كتابة الشعر. من هي ملهمة زاهي وهبي الأكثر تأثيراً في بلورة تجربته الشعرية؟

– الحياة نفسها تلهمني، كل ما أواجهه وأعيشه وأحياه من وقائع وأحداث يتحول إلى احتمال شعري لأنني لا أرى إمكانية للكتابة في معزل عن الحياة نفسها أو في التحليق بعيداً عنها. الحب، الفرح، الفراق، الولادة، الموت، اللقاء – كلها عناوين شعرية إذا شاء الشاعر أن يكتبها، وبما أنني من المؤمنين بأنوثة الوجود فالمرأة تشكل مصدراً أساسياً وينبوعاً لا ينضب للكتابة الشعرية. وأعني المرأة كإنسان وكأنثى.

 

*عند إعداد مجموعتك الشعرية الجديدة، وقبل أن تدفعها إلى النشر، هل تحرص على أن تشرك فيها عدداً من الأصدقاء؟ ولمن تكون الأولوية؟ إذا كان الجواب "نعم"؛ هل تقوم بهذه الخطوة من باب الاستئناس أم من باب الحرص على معرفة آراء الآخرين؟

–أول من يقرأ قصائدي هي رابعة زوجتي بحكم أننا نعيش سوياً في بيتٍ واحد ونتبادل الأفكار والآراء حول كل ما نقوم به في الحياة، وإني أهتم برأيها جداً لأنها قارئة جيدة ومحبة للشعر، ثم أحرص على قراءة قصائدي قبل نشرها لمجموعة من الصديقات صغيرات السن في العشرينيات من العمر لأنني أهتم بالتواصل مع الأجيال الجديدة، وهنّ، بشغفهنّ وحماستهنّ، يمنحن قصيدتي نضارة وطزاجة تشبه أحلامهن وطريقة تفاعلهن مع القصيدة.

 

*انتظار الغريبة كتاب جديد سيرى النور قريباً. من هي الغريبة؟

– قد تكون الحياة نفسها، قد تكون امرأةأو عابرة سبيل أو قصة حب وصداقة غير متوقعة أو غير منتظرة.

أنا من محبي الانتظار لأن الانتظار أحياناً يمتعنا أكثر من حدوث اللقاء نفسه. في إحدى قصائدي أقول:«تسعدني إقامتي الدائمة في الاحتمال».

بمعنى أن احتمال حصول ما هو غير متوقع أجمل بكثير من المتوقع، ومن غير الاحتمال يحكم المرء على تجربته بالتوقف.

 

*كيف تعرّف القرّاء إلى انتظار الغريبة؟

– انتظار الغريبةقسمان: الأول عن الحب والثاني عن الحرب، انطلاقاً من إيماني بعدم إمكانية الفصل بين ما نعيشه على المستوى الشخصي والحميم من جهة وبين ما نعيشه على المستوى الجماعي والعام من جهة أخرى.

هي محاولة لمواجهة الحرب بالحب. تلاحظين أننا إذا حذفنا حرف «الراء» من كلمة حرب تصبح «حب». كل ما نحتاجه هو أن نسقط هذه «الراء» الفاصلة بين «الحاء» و«الباء» في حياتنا.

سئمنا الحروب وسئمنا القتل والموت حتى تكاد أرواحنا تذبل وتتيّبس وتتحول إلى جثث تمشي على الأقدام. وفي مواجهة هذا الواقع المؤلم لا أرى بدّاً من الشعر وبقية الفنون الإبداعية.

حاورته الصحفية ساندي مومجي

دار الساقي

تصفح أيضا...