لقاء مع الكاتبة الروائية أحلام مستغانمي

أحد, 14/07/2019 - 17:19

لقاء مع الكابة  أحلام مستغانمي

بداية تعرف على أحلام  مستغانمي

ألّفت الكاتبة الجزائرية على مدى مسيرتها الأدبية التي 
دامت 25 سنة, روايات من أكثر الروايات مبيعا في العالمالعربي
يذكر منها "ذاكرة الجسد" و "فوضى الحواس" و "عابر سرير".
حيث باتت أول امرأة جزائرية تؤلّف رواية باللغة العربية
وأول أديبة عربية معاصرة يُباع لها مئات الآلاف من النسخ
من أعمالها وتكتسح بذلك قائمة الكتب الأكثر رواجا
في لبنان والأردن وسوريا والإمارات العربية المتحدة.

وفي عام 1998، أحرزت مستغانمي جائزة نجيب محفوظ 
عن روايتها "ذاكرة الجسد" وهي رواية عن مقاومة الجزائر
للهيمنة الأجنبية والمشاكل التي عصفت بهذه الأمة الناشئة 
عقب نيلها للاستقلال. ووصفت اللجنة التي منحتها الجائزة
المؤلفة بأنها "نور يلمع وسط هذا الظلام الكثيف،
وهي كاتبة حطّمت المنفى اللغوي الذي دفع إليه 
الإستعمار الفرنسي مثقفي الجزائر".

وكان والد مستغانمي، وهو محمد الشريف من قسنطينة بالجزائر،
من مقاومي الاحتلال الفرنسي، ففقد إثنين من إخوته خلال
مظاهرة مناهضة للفرنسيين في منتصف الأربعينات.
ولكونه مطلوبا لدى السلطات الفرنسية لمشاركته في أعمال
المقاومة، فر مع أسرته إلى تونس حيث عمل بها مدرسا
للغة الفرنسية. وهكذا قدّر أن تولد ابنته الأولى أحلام
في بيئة مشحونة بالعمل السياسي، وذلك قبل اندلاع ثورة 
عام 1954 بسنوات قليلة. وكان بيت والدها في تونس
شبه محطة للمقاومين الجزائريين.

وبعد حصول البلاد على الاستقلال عام 1962،
عادت أسرتها إلى الجزائر للاستقرار في العاصمة
فأرسل الأب ابنته البكر الى أول مدرسة معربة في الجزائر،
وبذلك تكون أحلام من أوائل الجزائريات اللواتي 
تلقين تعليما بلغتهن الأم.

وقبيل الذكرى 18 لميلاد أحلام، تعرض أبوها الشريف
لإنهيارعصبي أجبر الإبنة الأولى على العمل في الإذاعة
الوطنية لإعالة أسرتها. فكان برنامجها الليلي "همسات"
سببا في انطلاقة شهرتها كشاعرة واعدة. وهكذا عرف
ديوانها الأول 
"على مرفأ الأيام" طريقه إلى النشر عام 1973 في الجزائر.
وأتبعته بديوان آخر تحت عنوان "كتابة في لحظة عري" عام 1976.

غادرت مستغانمي الجزائر في السبعينات متوجه إلى باريس 
حيث تزوجت صحفيا لبنانيا وأصبحت أما متفرغة لرعاية  وتربية اولادها. وبعد نيلها شهادة الدكتوراه من جامعة السربون في الثمانينات، نشرت روايتها الأولى "ذاكرة الجسد"
وذلك عام 1993. والرواية اليوم في إصدارها 19
وبيع منها أكثر من 130.000 نسخة. وتواصل نجاح الكاتبة بإصدار "فوضى الحواسفي بيروت عام 1997 
و"عابر سرير" عام 2003 وكلاهما تتمة لقصة بدأتها 
مستغانمي في رواية "ذاكرة الجسد".

لقاء مع أحلام مستغانمي

إلتقينا بالروائية والأديبة احلام مستغانمي التي أشرفت 
على جائزة مالك حداد للعام الماضي، حدثتنا عن هذه الرحلة 
من سوريا الى الجزائر مرورا بباريس، وعن ولوجها لعالم 
الكتابة الروائية والأدبية مؤخرا وعن روايتها الجديدة
"الحب الخاص" وعن الترجمة التي رصدتها كتاباتها 
وأشياء حميمية أخرى كصداقتها بأنعام بيوض مثلا.

المستقبل: من سوريا الى الجزائر، كيف كانت طفولتك 
وفترة المراهقة وماذا عن صداقتك بأنعام بيوض ؟

أحلام مستغانمي:
ولدت في تونس من أب ذو جنسية جزائرية
كان أبي يهوى الأدب الفرنسي وتعرض للسجن بسبب نشاطه السياسي، ونشأت في محيط عائلي وطني التوجه، وبعد
الاستقلال عدت الى الجزائر لأدرس في مدرسة الثعالبية 
للبنات ومن ثم ثانوية عائشة أم المؤمنين لأتخرج سنة 71 
من كلية الآداب ضمن أول دفعة معربة تتخرج بعد الاستقلال
من جامعات الجزائر، وطبعا الطفولة ليست كلها سعيدة، هذا يكون طبعا في القصص الخرافية، فوصولي الى الجزائر كان
فعلا مؤشرا، كان اكتشافا، أن أقوم بأول رحلة مضطربة 
وعمري 10 سنوات، وسوف يكون طبعا لهذه النقلة أن 
تعلمت لهجتين وأصبحت لي مرجعيتان، وطبعا لا نشعر 
بذلك إلا في الكبر، حيث يشعر بذلك التزاوج، درست في 
المدرسة الثعالبية ثم ثانوية عائشة أم المؤمنين وهناك التقيت 
بأنعام بيوض في الصف الأول والثاني والثالث، 
فكنت في النظام الخارجي وكانت أنعام بيوض في الصف الداخلي،
كنت في القسم الأدبي، بينما كانت هي في القسم العلمي، 
جمعنا هذا التزاوج الثقافي، لأنها ولدت في تونس 
وربما الذي يجمعنا ميولنا الأدبية، فكنت أكتب قصائد 
في سن السادسة عشر وأول قصيدة أو أول ديوان صدر لي
"على مرفأ الأيام" عام 1971.

ماذا تعني لك الكتابة؟

هي نوع من الانهماك السري في الحياة، هي في البداية مناجاة 
والكتابة لغة مختزلة، وبعد أن كتبت الشعر، كتبت الرواية التي 
جاءت متأخرة، جاءت نتيجة لمعايشة أشياء صعبة عجز الشعر 
عن معايشتها، فبحثت عن فضاء أكبر، لم أكن أنوي النشر في
البداية، فعلت ذلك لأخلق وادا أنفخ فيه صراخاتي وميولاتي وكذا 
كل الأحاسيس التي تخالجني والتي لا يعجز البوح عنها الا القلم 
والكلمة.

صدرت لك مؤخرا ثلاثيتك المشهورة "عابر سرير" "ذاكرة الجسد
و"فوضى الحواس"، فيما تتلخص أحداث الروايات؟

أحداث الرواية أن خالد الشاب ابن الخامسة والعشرين، 
يقاتل في احدى جبهات الثورة تحت قيادة "سي الطاهر عبد
المولى" وكلاهما من قسنطينة ويصاب في احدى المعارك، فينقل
مع عدد من الجرحى الى تونس محملا بوصية من سي الطاه
ر الى عائلته المقيمة هناك والمؤلفة منه وزوجته وطفله ناصر
وطفلة وليدة يسمونها حياة، وهذا يشكل خلفية لأحداث الرواية 
من خلال تداعيات خالد.

أما الأحداث الحقيقية للرواية بعد 25 سنة من خروج خالد 
من الجبهة، فيقيم معرضا في باريس وتزوره حياة ويقع خالد
في حب حياة بصورة ميلودرامية، حيث بالمصادفة تعرّفه ابنة
سي الشريف ابنة عم حياة على نفسها بأنها الآنسة عبد المولى،
فترتد ذاكرته الى الوراء فجأة، 25 سنة، ويأمل في أن تكون 
الأخرى هي الطفلة التي سجلها باسم احلام وليست من تعرفه 
ويقع حبه لها فورا، هذه باختصار أحداث الرواية.

كيف تمكنت من تحقيق معادلة التعبير عن أحاسيسك بالرسم
والكتابة الشعرية والروائية؟

هي محاولة بالأزل، فأنا لا أقوم بجهد حين أرسم، فهي ليست
أزرار، هي كالخلية الدموية، والظروف هي التي تجعلنا نشعر
بالزخم الشعري، فنحن مثلا لا نطبخ اليوم وغدا نقوم بالأشغال
المنزلية، الكتابة والرسم هي ردود فعل لمعايشات.

على ذكر الرسم كيف ولجت لعالمه؟

أعتقد أنني أهوى ذلك منذ الصغر، وهي موهبة نماها أبي الذي 
اكتشفني، ففي ال 15 رسمت وجوها وأتذكر أن أول معرض
للرسم أقمته كان في المدرسة الابتدائية، وعلاقتي بالرسم لم تكن
مزاجية بقدر ما كانت علاقة وجود، لأنني أشعر بنفس القلق، وان
أشياء ما تود الخروج مني ولن أكف عن خوض تجربة الرسم 
حتى تكف أناملي عن الحك، فهناك أشياء أودها أن تخرج.

ما هي أهم الجوائز التي تحصلت عليها أحلام مستغانمي
طيلة مشوارها الأدبي؟

تحصلت سنة 1996 على جائزة نجيب محفوظ للرواية عنرواية
ذاكرة الجسد التي تمت طباعتها 18 طبعة في مدة زمنية قياسية،
وسنة 2001 انشئت جائزة مالك حداد للرواية الجزائرية بالتنسيق مع رابطة كتاب الاختلاف وكذا أكاذيب سمكة، على
مرفأ الأيام عام 72، واستطعت عبر رواية واحدة أن أحقق النجومية في الوطن العربي الذي لا يقرأ كثيرا، وهذا مؤشر
كبير من طرف الدول العربية على مدى ما استحوذته الرواية 
من اهتمام يفوق أي كتاب آخر، فرغم أن بداياتي كانت شعرية، 
لكنها بقيت في ذاكرة كل قاريء.

ما سر اللهجة الطيبة وطلاقة وعذب الصوت؟

عملت في الاذاعة الجزائرية لثلاث سنوات ونشرت قصائد 
ومقالات في الصحافة الجزائرية ثم تزوجت الصحفي اللبناني 
نصفي الثاني وعشت في سوريا وتعلمت اللهجة السورية التي
اعتبرها ثاني لهجة اعتز بها بعد اللهجة الجزائرية.

هل تعرضت أحلام لانتقادات؟

أنا أعتقد ان الروائي أو الأديب أو الممثل أو أي كان لايتعرض 
لانتقاد يعتبر عمله ناقصا، فالانتقاد طبعا البنّاء نوع من التحفيز 
الذي يساعد على رفع مستوى المنتوج أو العمل الذي نقدمه، فرغم 
الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها شخصيا والتي مست الروائية احلام مستغانمي من طرف الأدباء الجزائريين وحتى في الخارج، 
الا أنني اعتبر نفسي من الأقلام المعروفة على الساحة الأدبية، وقد
عبر عن ذلك الكثير من الأدباء ليس فقط الجزائريون منهم وإنما
حتى في الخارج الذين اعتبروا ثلاثيتي المشهورة من الروايات
عرفت انتشارا وتوزيعا كبيرين في الساحة الأدبية.

عرفنا أن كل كتاباتك مركزة أو أحداثها تدور في الجزائر وكل
شخصيات الرواية جزائريون، هل عملك الجديد سيكون كذلك؟

روايتي هذه المرة خارجة كليا عن الجزائر وعن الشخصيات 
الجزائرية، فهي رواية أبطالها لبنانيون وأحداثها تدور في لبنان،
وسأحاول ان أعالج هذه المرة عبر هذه الرواية الحب في العالم 
العربي، وأهديها لكل العشاق في عيدهم "الفالونتيني"، غير أنني 
أشهد أن العنوان الجديد لم يستقر بعد في ذهني، لكن أعد جمهوري
أن الرواية في طريق الانتهاء لأقدم قصة غرامية تسافر بالقارىء 
الى أجمل الأحاسيس والمشاعر في الحياة.

كلمة أخيرة لمحبي أحلام مستغانمي.

أنا جد سعيدة بتواجدي في الجزائر الحبيبة، ببلدي وسطأهلي
والذي أشعر أنني لم أفارقهم أبدا وكل مرة ألتقي بهم أشعر
وكأنني معهم دوما.

قال الشاعر الراحل نزار قباني مرة عن رواية أحلام مستغانمي
"ذاكرة الجسد" إنها "دوّختني. وأنا نادراً ما أدوخ أمام رواية من 
الروايات ".
المقال نقلا عن جريدة الشروق الجزائرية
اتمنى لكم الافادة اختكم في ا

تصفح أيضا...