ترجمة لرواية / تجربة ضابط "جمّالة" فرنسي خدم في موريتانيا / الحلقة الرابعة

جمعة, 11/10/2019 - 08:08

ترجمة الكاتبة مخفية الاسم : الدهماء ريم / ... عبرتُ موريتانيا بسرعة، نواكشوط - أطار - شنقيط، لقد اختصرت الحافلات في أربعة أيام المسافة التي كانت تستغرق منا شهرا.. أطار عاصمة آدرار، مدينة كبيرة وحامية عسكرية، هي آخر مدينة قبل الفراغ الصحراوي الكبير.

وصلتُ نواكشوط مساء، نقطة ضئيلة معاكسة للضوء على خلفية من الكثبان المستديرة، كانت كئيبة، على شكل معتقل كبير، ما عدا البئر لم يكن هناك شيء.. خارج المركز يمتد السهل الرملي على امتداد رؤية العين.. كانت السنة استثنائية، فقد فاض النهر الى أن وصل نواكشوط، وتتبخر الآن آخر بركه الآسنة...، حُملنا في شاحنتين جديدتين باتجاه المركز الموالي، خيمنا عند قدم كثيب رملي، أشعل البظان النار وذبحوا خروفا، وعمدوا إلى شيه في حفرة يغطيها الجمر، كل الأمور في حكم المعتاد لديَّ عسكريا، سوى شيئين جديدين: تناولهم المقزز للطعام بأصابعهم، وشدة توهج القمر، حتى إني كتبت وقتها رسالة إلى أبي دون الاستعانة بضوء النار.

في أطار كان مطعم الضباط (بوبوت) مشهورا، لدرجة أن بعض الضباط السامين الذين يخدمون في داكار يتنقلون لزيارته كلما توفرت لهم فرصة ربط بالطيران. كان هناك بظاني يسمى على وجه الدقة "القواد"، شكل فرقة فتيات استعراض محلية، لا يلبسن أكثر من حزام من خرز متعدد الألوان، وهن يظهرن فقط في نهاية السهرة يستعرضن أنواع الرقصات المعروفة في البلد.

لكن خاتمة السهرة تكون رقصة تعرف بالضفدع وقد وجدتها ساحرة. فبينما تضرب احداهن الطبل بإيقاع شيطاني،  تتقافز النساء الأخريات في وضع قرفصاء.  ويصوّتن بنعيق في إيحاء متجوِّع، يطلقن أصواتا من ألسن واعدة، وبعد عدة دورات متوِّعدة، تلقي الفتيات بأنفسهن على من كلِّفن بمهاجمته، وينزعن ثيابه.. بهذه الطريقة وقعتُ تحت قبضة عشرين يد سمراء،  انتقلتُ من الضحك للحرج حين قررت الراقصة النجمة، فتاة بجمال يقطع النفس (.....)، وفي فوضى تداخل الأصوات والكراسي المقلوبة، هرع جمع الضباط الحضور (....) بنفس التحفز الشهواني.

كانت الراقصة النجمة رشيقة، تدعى زينب، غامقة اللون بملامح نبيلة، سحرني جمالها لحد بعيد، بحثتُ عنها ثم بحثتُ خلال الأيام الثمانية التي قضيتها في أطار، حتى وجدتها فخصَّتني بحظوة، مع أنها لم تكن تملك، لا حسَّ الإثارة ولا موهبتها، لكن كنت أرى في جمالها بطلة اطلانطس.

 

خلال الأيام الثمانية، تجولت بأطار، دور من الحجارة تشبه المكعبات المتراصة، وتجمُّع من الناس: بظان مسلحون بنظرات حادة، نلقبهم أصدقاء فرنسا، شعر أسود منفوش في شكل خصلات مجعدة طويلة، نساء يسرن في مجموعات بوجوه مكشوفة، سود قذرون، حشد من الأطفال، الماعز، الحمير.. وحتى الدَّجاج.

آدرار، تعني بالبربرية المرتفعات.. جلتُ في الواحات.. أعجبت بمزرعة حرم قائد الدائرة، كانت السيدة الفرنسية الوحيدة في المحيط، وكانت تختلف عن بقية السمراوات اللاتي يتخذهن الضباط وضباط الصف أخدانا.

 

 

رابط الحلقة الثالثة : هنا

تصفح أيضا...