مقابلة مع مايكل بيهي بروفسور في الكيمياء الحيوية

جمعة, 02/08/2019 - 19:43

مايكل بيهي بروفسور في الكيمياء الحيوية يعمل  في جامعة ليهاي ببنسلفانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ نشر بيهي عام ١٩٩٦ كتابا بعنوان صندوق داروين الاسود:‏ التحدي الكيميائي الحيوي للتطور (‏بالانكليزية)‏.‏ وقد اشارت مجلة استيقظ!‏ الى هذا الكتاب في سلسلة مقالات وردت في عدد ٨ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٧ بعنوان:‏ «كيف اتينا الى الوجود؟‏ بالصدفة ام بالتصميم؟‏».‏ خلال السنوات العشر التي تلت نشر صندوق داروين الاسود،‏ حاول العلماء المؤيدون للتطور جاهدين دحض الحجج التي قدمها بيهي.‏ فقد اتّهمه النقاد انه سمح لمعتقداته الدينية،‏ وهو كاثوليكي روماني،‏ بأن تغشّي بصيرته العلمية وتمنعه من التوصل الى استنتاجات علمية سليمة.‏ وادّعى آخرون ان طريقة تحليله بعيدة كل البعد عن اسلوب التحليل العلمي.‏ في ما يلي مقابلة أجرتها مجلة استيقظ!‏ مع البروفسور بيهي لتستوضح منه سبب كل هذا الجدل الذي اثارته افكاره.‏

استيقظ!‏:‏ لماذا تقول اننا نجد في الكائنات الحية دليلا على التصميم الذكي؟‏

البروفسور بيهي:‏ عندما نرى عادة آلية مؤلّفة من اجزاء مختلفة مرتّبة معا للقيام بوظائف معقدة،‏ نستنتج انها وليدة تصميم.‏ لنأخذ على سبيل المثال الآلات التي نستعملها كل يوم كجزَّازة العشب،‏ السيارة،‏ حتى الآلات البسيطة.‏ وأبرز مثل احب التكلم عنه هو مصيدة الفئران.‏ فعندما تنظر اليها وترى كيف تعمل مختلف اجزائها معا لتقوم بمهمة اصطياد الفئران،‏ لا يسعك إلّا ان تستنتج انها نتاج تصميم ذكي.‏

تقدم العلم كثيرا بحيث صرنا نعرف أصغر اجزاء الكائنات الحية.‏ وقد ذُهل العلماء عند اكتشاف آليات عمل معقدة في هذه الجزيئات الصغيرة.‏ فداخل الخلايا الحية هنالك،‏ مثلا،‏ جزيئات صغيرة تقوم بعمل «الشاحنات» وتنقل المواد بين سائر اجزاء الخلية،‏ في حين تقوم جزيئات اخرى بالغة الصغر بعمل «لافتات الطرقات» فتوجِّه هذه «الشاحنات» يمينا او يسارا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لدى بعض الخلايا «محركات جانبية» تستخدمها لتدفع نفسها عبر السوائل.‏ عادة،‏ عندما يلاحظ الناس في اي مجال آخر تركيبات بمثل هذا التعقيد تعمل بنجاح،‏ يستنتجون ان هذه التركيبات وليدة تصميم.‏ ونحن لا نملك اي تفسير آخر لهذا التعقيد،‏ رغم كل ادعاءات مؤيدي نظرية التطور.‏ وبما اننا تعلّمنا من كل التجارب السابقة دون استثناء ان هذا الترتيب المعقد هو دليل على التصميم،‏ فنحن مبرَّرون إن استنتجنا ان هذه الانظمة الجُزَيئية صُمِّمت بذكاء هي ايضا.‏

استيقظ!‏:‏ برأيك،‏ لماذا لا يوافقك غالبية زملائك على استنتاجاتك حول التصميم الذكي؟‏

البروفسور بيهي:‏ يخالفني علماء كثيرون في استنتاجاتي لأنهم يعتبرون ان فكرة التصميم الذكي لها مضامين لا يمكن تعليلها علميا،‏ اي انها تشير على نحو لا يرقى اليه الشك الى كائن فوق الطبيعة.‏ وهذا الاستنتاج يقلق كثيرين.‏ لكنني تعلّمت منذ البداية ان العلماء ينبغي ان يقبلوا الاستنتاجات التي تقودهم اليها الادلة مهما كانت هذه الاستنتاجات.‏ وأظن انه من الجبن ألّا يقبل المرء خلاصة تشير اليها كل الادلة بقوة،‏ لمجرد ان هذه الخلاصة تنطوي على مضامين مرفوضة فلسفيا.‏

استيقظ!‏:‏ كيف تجيب النقاد الذين يدّعون ان قبول فكرة التصميم الذكي تعزّز الجهل؟‏

البروفسور بيهي:‏ ليس جهلا الاقتناع بوجود تصميم ذكي.‏ فما قادنا الى هذا الاستنتاج ليس ما لانعرفه،‏ بل ما نعرفه.‏ عندما نشر داروين كتابه اصل الانواع منذ ١٥٠ سنة،‏ كان الجميع يظنون ان الحياة بسيطة.‏ فالعلماء كانوا يعتقدون ان الخلية بسيطة جدا ويمكن بكل سهولة ان تنبثق تلقائيا من وحل البحر.‏ لكنّ العلم قطع شوطا كبيرا منذ ذلك الزمان.‏ فقد اكتشف العلماء ان الخلايا بالغة التعقيد،‏ وتفوق بتعقيدها الآلات التي نستخدمها في القرن الحادي والعشرين.‏ وآليات العمل المعقدة هذه تشير الى ان الكائنات الحية صُمِّمت لقصد معيّن.‏

استيقظ!‏:‏ هل وجد العلم اي دليل يثبت ان الآليات الجُزَيئية المعقدة التي تتكلم عنها جاءت الى الوجود عن طريق الانتقاء الطبيعي،‏ كما تقول نظرية التطور؟‏

البروفسور بيهي:‏ لو بحثنا في الكتب العلمية،‏ لما وجدنا أية محاولة جدية —‏ سواء كانت تجربة مخبرية او نموذجا علميا مفصلا —‏ تفسر كيف يمكن ان تنشأ هذه الآليات الجُزَيئية المعقدة عن طريق التطور،‏ مع ان منظمات علمية كثيرة مثل معهد العلوم الوطني والجمعية الاميركية لتقدُّم العلم قامت مذ نُشر كتابي قبل عشر سنوات بإطلاق دعوات عاجلة تحث اعضاءها على فعل كل ما في وسعهم لدحض الفكرة القائلة ان الكائنات الحية تعطي الدليل على التصميم الذكي.‏

استيقظ!‏:‏ كيف تجيب الذين يستندون في حججهم الى بعض الخصائص النباتية او الحيوانية المصممة على نحو غير متقن،‏ على حدّ تعبيرهم؟‏

البروفسور بيهي:‏ اذا كنا نجهل سبب وجود احدى الخصائص في كائن معيّن،‏ فهذا لا يعني انها لا تلعب دورا مهما.‏ مثلا،‏ ساد الاعتقاد في الماضي ان الاعضاء اللاوظيفيَّة تُظهر ان جسم البشر او الكائنات الاخرى غير مصمم على نحو متقن.‏ فالزائدة الدودية واللوزتان كانت تُعتبر أعضاء لاوظيفيَّة من مخلفات عملية التطور،‏ وجرت العادة ان تُستأصل جراحيا.‏ ولكن تبيّن لاحقا ان هذه الاعضاء تلعب دورا في جهاز المناعة.‏ لذلك ما عادت تُعدّ اليوم اعضاء لاوظيفيَّة.‏

هنالك امر آخر جدير بالذكر،‏ وهو ان بعض التغييرات تطرأ على نحو غير متوقع في الطبيعة.‏ فكما ان وجود انبعاج في سيارتي او فراغ احد اطاراتها من الهواء لا يعني ان سيارتي او اطاراتها لم تُصمَّم،‏ كذلك ان مجرد حدوث بعض التغييرات في الطبيعة على نحو غير متوقع لا يعني ان الآليات الجُزَيئية المعقَّدة في الكائنات الحية نشأت من تلقاء نفسها.‏ هذه الحجة واهية وغير منطقية البتة.‏

‏[النبذة في الصفحة ١٢]‏

‏«أظن انه من الجبن ألّا يقبل المرء خلاصة تشير اليها كل الادلة بقوة،‏ لمجرد ان هذه الخلاصة تنطوي على مضامين مرفوضة فلسفيا»‏
المصدر هنا

تصفح أيضا...