أزمة الخليج من يُنصِتُ لحديث التاريخ؟ / ذ. الولي ولد طه

سبت, 24/06/2017 - 16:00

يحدثنا التاريخ في كل حقَبه ومراحله أن نار الفوضى والحروب المدمرة، دائما تكون كامنة كمونا غير مُلفتٍ في موقف أو تصرف بسيط لا يُؤبَه له، وبمجرد حدوث ذلك التصرف تنطلق الشرارة مرسلة ألسنة من اللهب الرهيب، لا تعرف لوَقودها حدودا، وربما يكون من أول من تُسَعَّر بهم النار أولئك المستمتعون بانطلاقة الشرارة، ومن كان يحسب نفسه بمَفازة من كل الآثار الجانبية للحدث.

ولنأخذ على ذلك أمثلة مختصرة من عصور التاريخ:

1 - يقتل كُلَيب ناقةً لجار خالته البسوس، فتنطلق شرارة حرب من أكثر الحروب فظاعة ورهبة امتدت أربعين سنة كان كليب وخصومه من أوائل وقودها وأثخنت هذه الحربُ عزة بني تغلب و بني شيبان و أحلافهما أيما إثخان

2 - طالب صربي نكرة يقتل الشاب النمساوي " فرانز فرديناند" في سراييفو فتتحرك آلية الدمار في الحرب العالمية الأولى تطحن البشرية في أرواحها و منجزاتها مخلفة 16 مليون قتيل و 20 مليون جريح مع تدمير كامل لغالبية البنى الاقتصادية والاجتماعية الصلبة.

 3- فتاة شرطية يملؤها الزهو والغرور فترسم صفعة إذلال على خد بائع خضار في مدينة جانبية من تونس في ركن قصي من الوطن العربي، فتتزلزل عروش حكام تساقطوا كالدمى، و تتغير خريطة وأنماط الفعل السياسي والعسكري مُدْخلاتٍ و مُخرجاتْ و أطماعًا، وتتدفق أنهار من الدم، والظلم ، والأحقاد... ويُشرد الملايين، وتغيب السيطرة على الوضع، ويغيب النظام بشكل مُرعب، و يزداد الحريق اشتعالا في أقطار من أعرق أقطار الوطن العربي، وأكثرها تجذرا في الحضارة والتاريخ، ويتفرج أعداء الأمة مسرورين يحرسون بشدة حالةَ توازن الرعب بميزان القوة في الأمة المتناحرة، حتى لا حل يلوح في الأفق.

وواضح أنه في كل ذلك كان الحيف و الظلم - ولو بدا يسيرا - هو صاحب الفعل الأول على الإخوة الأحبة في الخليج أن يفهموا أن التاريخ من قوانينه أن نيران الدمار والتخريب دائما تنطلق شرارتها من مواقف غير محسوبة، يظن أهلها السيطرة على مفاصل الأحداث لكن تلك النيران ما تلبث أن تلتهم الجميع لتحيلهم إلى خبر كان، وحيمها ينبه التاريخ أن أحداثه لم تكن تحت السيطرة ومنطقة الخليج الحبيبة في قلب العاصفة، و للأعداء لُعاب سَيَّالٌ إلى خيراتها، و النفط كما أنه وقود التنمية و الرفاه ، فهو كذلك وَقود النار. #

همسة في آذان العرب:  "الأزمة تحتاج من يتوسط و يصلح، لا من يتحالف ويُمالئ، فما زاد الأحلافُ حربَ البسوس إلا اشتعالا وتعقيدا"، ومن أدعية أهل هذه الأرض : "ربِّ لا كَبَّرْتْ انَّ اسْغارَاتْ" .. حفظ الله الجميع

تصفح أيضا...