حتى لا يعود الفساد / زايد المسلمين ولد ماء العينين

أحد, 12/04/2020 - 19:51

بسم الله الرحمن الرحيم

تزخر مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار ونقاشات حول فساد صفقات تجريها الحكومة الآن ، وهو امر في اعتقادي لو تم التحري عنه فسيكون مثل غصة الحكيم الماضي صغيرة وممدوغة  :
اولا : ان الوضعية الحالية للبلد لاتسمح لعاقل مهما كان جنوحه للفساد للانغماس فيه فبلد اجنحته مهيضة بالفساد منذ ربع قرن ويطمح الاستعادة الثقة بنفسه وشعبه   ويتعرض لوباء خطير تكون فيه الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بألف الف  لايجرؤ منه  احمق مهما كان جشعه   للنهب  ، بالاضافة الي حالة الاستعداد  الغير عادية للطبقة النابهة من الشعب لمراقبة وترصد اي صفقة  تفوح منها رائحة الفساد متعززا ذلك الاستعداد ـ  بحالة الفراغ التي يشهدها المجتمع بمقتضي حظر التجول وغلق الاسواق وتقلص الاعمال وانعكاف المواطنين علي جمع الاخبار وتدوالها واستنطاق الابكم واسماع الاصم  ،  والسارق بطبيعته  ومهما كانت وقاحته يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله .
ثانيا : ان الدولة ملزمة بمقتضي حرية التجارة ومبادئ الخوصصة واعانة القطاع الخاص  بتوفير حاجاتها من السوق وهي سوق لاتنتج شيئا غير الانتاج الحيواني القليل و السوق  الدولية تتعرض للمد والجزر بمقتضي تقلبات السوق وعوامل الندرة وقوانين كثرة الطلب وقلة العرض ، والحالة الرهيبة الانتشار الوباء  ففرنسا خسرت صفقة مع الصين الاقتناء الكمامات بسب رفع اسعارها للتنافس الدولي عليها ،  واذا كان التزود من الخارج فان ارتفاع أسعار الشحن البحري وارتفاع التامين عليه بسبب الوباء، تجعل اكثر البضائع المستوردة مثقلة بتلك التكاليف  ، فالسعر هنا يخضع لعوامل لاقبل للادارة بالتحكم فيها ، غير عنصر واضح وهو الحقوق الجمركية الذي تعيش الخزينة علي فتاته  وسواء كان الشراء من الداخل او الخارج فان تلك العوامل باقية ، سواء كان الشراء تم لبضاعة وصلت للبلد او لبضاعة موجودة خارجه ، فلست مقتنعا بقول البعض ان البضاعة الموجودة في السوق متحكم في ثمنها  فتاخير التسديد  والرشوة عليه والتكاليف الضريبية والجمركية تجعل التاجر مسحوقا الا اذا احتاط لذلك في الثمن  .
ثالثا: ان بنية الاقتناء لحاجات الدولة تم تصميمها بشكل يجعل لجنة الصفقات خاضعة للعروض  المقدمة  لها وليس  للثمن الرائج في السوق فاي لجنة صفقات تتعامل مع الملفات الواصلة اليها ولا تتعامل مع حقائق السوق المعيشة ومن هنا يقع اللعب بلجان الصفقات   لترسو المناقصة علي  المبلغ الارخص من الاسعار المقدمة اليها ، وماعنّا قضية صفقة تزويد البلاد بالمحروقات السائلة ببعيد ، فقد رسا المزاد فيها علي شركة اداكس  بوصفها قدمت افضل عرض تم تقديمه من المناقصين الذين تقدموا  ، لكن عندما تم احتساب هامش الربح الذي اقترحت  اذا به سيؤدي الي ارتفاع طن الكزوال او المازوت بشكل سيكون به ليتر الكزوال يقارب 500 اوقية قديمة وهو مافرض القيام بمراجعة الصفقة رغم ان الموقف القانوي كان صعبا فالشركة الفائزة حازت حقا واكتسبته بمقتضي النص القانوني ، الا ان الحكومة لايمكنها ان تقبل مواجهة الشعب برفع جنوني لاسعار المحروقات ،  وفي النهاية اختارت الحكومة  مصلحة الشعب   واقترحت عدة حلول تضمن حق الشركة  الا ان الشركة رفضتها  ما اجبر الوزير الاول الي  اتخاذ قرار يمنع اي ارتفاع للمحروقات  والسير بالاسعار القائمة حتي اعادة المناقصة من جديد وقد قرات حملة مسعورة ومشوهة علي  الوزير الاول    ولاحظت تفاعل بعض اهل التواصل الاجتماعي معها للاسف ، وقد سعيت ما امكنني لشرح الامر لبعض الاصدقاء الذين لا علم لهم  بتفاصيل المسالة .
رابعا :  ان  بذور الفساد عقلية غير سهلة الاجتثاث فالوظيفة في عقليتنا  تعد مغنما وليس مجرد قيام بواجب استاجر الشعب عليه الموظف ، بل هو يسعي للاستفادة منها من تحت الطاولة بصفة مباشرة او غير مباشرة فمنذ حكم العسكر وحتي بدء النمط الديمقراطي سنة 1991  سارت الامور بهذ الطريقة . 
وقوي الثورة  المضادة لانهاء الفساد قوة ضاربة  تبدا من  اشعال طمع الموظف  القليل الراتب  وكثرة حاجات المجتمع الاستهلاكي  الي جشع التاجر   ومكائد معارضي النظام العلانيين والسريين

ان يسمعوا سبة طاروا بها فرحا                  مني وما سمعوا من صالح دفنوا
ان يعلموا الخير اخفوه وان علموا                   شرا اذاعو وان لم يعلموا كذبو ا

 فالقوة المعارضة للرئيس والحكومة تسعي لتشويه كل تصرف يقوم به وهي قوي للاسف مازالت في السلطة الادارية  وتحمل ضغائن  ونوازع نفسية لم تفق منها فتارة تصف   المساعي للحكومة بانها لاتعدوا غمامة صيف ماتلبث ان تنقضي  فكل الانظمة منذ الرئيس معاوية حتي الرئيس محمد ولد عبد العزيز بدات بمحاربة الفساد  ثم مالبثت ان ولغت فيه سبعا ،  ويساعد  هذا ضعف اعلامي  شديد للحكومة  وثقل مادي ونفسي متمثل في انتماء جل الحكومة لنظام  سابق يعتبره الموريتانيون فاسدا  فمن الصعب ان يحارب الانسان نفسه او ماضيه  المجرب بحاضره غير الواضح ، وهنا اعتقد ان بعض النظام يحارب البعض وهذا  من اخطر الامور فالاخلال بمبدإ التضامن الحكومي  هو اكثر المعيقات لعمل اي نظام فاذا كان  صحيحا ان وزيرا من الحكومة يكيد للنظام ووزيرا ءاخر يسخر من حكومته  وءاخر يسرب حقائق غير صحيحة او مشوهة عن الصفقات  فان الامر يكون فظيعا  ، ومن المريب  استهداف  اشخاص معينين  من الحكومة دون غيرهم :
الوزير الاول  مدير الديوان ، وزير الداخلية ،  وزير التجارة وزير الصحة   فبركة صفحات بالتواصل الاحتماعي   للوزارة الاولي و لوزارة الداخلية  ووزارة الصحة  ونشر مناشير عليها  ؟ 
والمعيق اكثر ان كل التغييرات التي تمت لم تلمس الاجهزة الادارية المباشرة للشعب فالمدير الذي كان بالامس يعاملهم بالفساد هو نفسه الذي يستمع لمواعظ الحرب علي الفساد ، واجهزة وزارة العدل ومرفق القضاء مازالت كما كانت بنفس الرتابة والاوجه  والاشخاص  ونفس الشيء في وزارة الداخلية  والتجارة والصناعة والنفط ، ولدي اخبار يشيب لها الولدان  .
فكيف يكون العمل   ؟  
  ان الواجب يقتضي :
أ-) تخفيف الثقل قبل الغرق فممارسة الحكم لاتقبل المجاملة فعضو من الحكومة ليس معها فهو ضدها ، وقد ءان ذلك  فوزير لا يؤمن بالتضامن الحكومي يجب ان يستغني عنه . كما يجب تطهير الادارة ممن استمرؤوا الفساد ومارسوه وذاقوا طعمه ولايمكن منعهم منه ، ففطام الكبير غير يسير .
ب) حركة اعلامية لاتعتمد علي الخرجات الاعلامية  الاسبوعية او الموسمية بل علي قوة اعلامية منظمة وتستند في تبيينها للامور علي الحقائق ، ان فكرة الانظمة الاستثنائية المبنية علي الانغلاق والتكبر والانفراد بالمعلومات  فكرة بائدة تجاوزها العصر فعلي  كل وزارة ان تنشر الحقائق يوميا علي صفحتها فنشاط اي وزارة حتي  ان كانت وزارة الدفاع تسعون منه ليس  اسرارا  مهنية . 
ج) اين  الحزب الحاكم واين نوابه ومناصروه  مادور تلك  المؤسسات المليئة بالنخب  السياسية والعلمية لماذا لايقع توظيفها    فلاعطر بعد عروس   ولا شكوي بعد بوس .
والواجب يقتضي  ايضا : 
 1) مشاركة النخب المنتخبة في القرارات الكبري فليس كافيا التضامن الحكومي بل لابد من تضامن السلطتين التنفيذية والتشريعية 
2) لابد من تحسين مسطرة الصفقات العمومية المستعجلة  بالشراء بالاثمان الحقيقية بهامش ربح للتاجر محدد بنسبة  مائوية  10 او   5 بالمائة ، و الفورية في التسديد فمن دواعي رفع المبيعات للدولة انها  مماطلة  والمشرفون علي  التسديد مرتشون فربح التاجر يضيع بين ضياع الوقت بتاخير التسديد  ورشوة  الموظف  ، ولذلك نجد الكثير من التجار لايبيع للدولة الاباسعار تفوق السعر الرسمي باربعين في المائة .
واظن من حق الرئيس ووزيره  الاول ان يتلوا :  
                                                           ماجئنا لنفسد في الارض وماكنا سارقين   الاية.

تصفح أيضا...